قال أبو حفص: لا فرق بين العَطِيَّة للمنفعة وبين الصَّدَقة للأجْر؛ لأنَّ كلاهما عطيَّةٌ، وإنما يختلفُ حكمُهُما في رجوع الوالد.
* اختلف قولُه في قِسْمَةِ الرجلِ مالَه بين ولده في حياته؛ فروى عنه حنبلٌ: إن شاء قَسَمَ، وإن شاء لم يقسمْ، إذا لم يُفَضِّلْ.
وروى عنه محمد بن الحكم: أَحَبُّ إليَّ أن لا يقسمَ مالَه، يَدَعُهُ على فرائضِ الله لعلَّه يُولَدُ له.
علي بن سعيد عن أحمد: إذا زوَّج بعض ولده وجهَّزه، وله ولدٌ سواهم، وهم عنده، يُنْفِقُ عليهم ويَكسوهم، فإن كان نفقتُهُ عليهم مما يُجْحِفُ بماله، ينبغي له أن يُوَاسِيَهُمْ، وإن لم يجحِفْ بماله، وإنما هي نفقةٌ فلا يكونُ عليه شيء.
قال أبو حفص: قوله: "يُجحِفُ بماله"، يعني: يُنْفِقُ فوقَ الحاجةِ، ينبغي أن يُعطي الذين خرجوا من نفقتِه بإزاء ذلك؛ لأن ما زاد على النفقة يجري مجرى النَّحْل.
وروى عنه أحمد بن الحسين في امرأةٍ جعلت مالها لأحدِ بنيها إن هو حَجَّ بها دونَ إخوته: تُعْطِيه أُجْرَتَهُ، وتسوِّي بين الوَلَد.
وروى عنه إسحاق بن إبراهيم (١) في الأب يقول: وهبتُ جاريتي هذه لابنتي: إذا كان ذلك في صحَّةٍ منه، وأشهَدَ عليه، كان قبضُهُ لها قَبْضًا.
وهذه الرواية تدلُّ على أن هبةَ الأب لابِنهِ الصَّغير يجزي فيها الإيجابُ؛ لأنه اعتبر في ذلك القبضَ.