للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلامهم، ثم قال: "وإنما يجوز مثل هذا الغلط عليهم لما يستهويهم من الشَّبه؛ لأنهم ليست لهم قياساتٌ يعتصمون بها، وإنما يخلدون إلى طبائعهم". وأين هذا من كلام الإمام (١) المقدَّم سيبويه حيث يقول (٢): "وليس شيءٌ مما يضطرون إليه إلاّ وهم يحاولون به وجهًا". وهذا من النُّحاة شبيهٌ من ردِّ الجهميَّة نصوص الصِّفات لمخالفتِها أقيستهم، ومن ردِّ أحاديث الأحكام عند مخالفتها الرأي، والمقصود بالأقيسة والاستنباطات فهم المنقول لا تخطئته، والله الموفق.

فائدة

"استطاع" استفعل، من طاع يطوع، ولم ينطق به، وإنما نطقوا بالرُّباعيِّ منه، فيقال (٣): أطاعه وقالوا: طوَّع له كذا، أي: حسَّنهُ له وزيَّنه، وكأنه جعل نفسه مُطيعةً لداعيه، فالهمزة من "أطاعه" (٤) همزة التَّعدية والنقل من اللُّزوم إلى التَّعدِّي، والتَّضعيف في "طوَّع" لكونه في معنى: حسَّن وزيَّن.

وأما السين والتاء في "استطاع"، فإمَّا أن تكون للوجودِ، أي: وجدته طوعًا لي، كاستجدته، أي: وجدته جيِّدًا، واستصوبت كلامَهُ، أي: وجدته صوابًا، واستعظمته، أي: وجدته عظيمًا.

وأما أن تكون للطَّلب، أي: طلبت أن يُطِيعني إذا أَمَرتُه (٥) ولا يستعصي عليَّ بل يكون طوع قُدرتي، وقد يأتي هذا البناء بمعنى:


(١) "الإمام" ليست في (ع وظ)، و "كلام" ليست في (ق).
(٢) "الكتاب": (١/ ٣٢).
(٣) (ق): "فقالوا".
(٤) (ق وظ): "في الطاعة".
(٥) (ع): "إذا باشرته"، (ق): "إذ أنا أمرته".