للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدم التنبيه على ذلك فلا وجه لإعادته.

وكذلك قولهم: عَجَّ العِجْلُ (١): إذا صَوَّتَ، فإن تابع صوتَه قالوا: عَجعَجَ، وكذلك: ثَجَّ الماء: إذا ضُبَّ، فإن تكرر ذلك قيل: ثَجْثَجَ، والمقصود أن المُوَسْوِسَ لما كان يكرِّر وَسْوَسَتَهُ ويتابعها قيل: وَسْوَسَ.

فصل

إذا عُرِفَ هذا فاختلف النُّحاةُ في لفظ (الوَسْوَاس) هل هو وصفٌ أو مصدرٌ؟ على قولين، ونحن نذكر حُجَّةَ (٢) كُلَّ قول ثم نُبَيِّنُ الصحبحَ من القولينِ بعون الله تعالى وفضله:

فأما من ذهبَ إلى أنه مصدر، فاحتجَّ بأن الفعل منه: فَعْلَلَ، والوصف من: فَعْلَلَ إنما هو: "ففَعْلِلٌ" كمُدَحْرِج ومُسَرْهِف ومُبَيْطِر ومُسَيْطِر، وكذلك هو من: فَعَلَ بوزن: "مَفْعِّل" كَمَقْطِّع ومَخْرِّج، وبابه، فلو كان الوَسْوَاسُ صِفَةً لقيل: موَسْوِس، ألا ترى أن اسم الفاعل من زَلْزَلَ: مُزَلْزِلٌ، لا زَلْزَال، وكذلك من دَكْدَكَ: مُدَكْدِكٌ، وهو مطَّرِد، فَدَلَّ على أن الوَسْوَاس مصدرٌ وُصِفَ به على وجه المبالغة، أو يكون على حذف مضاف تقديرُه: ذو الوَسْوَاس. قالوا: والدليل عليه أيضًا قول الشاعر (٣):

* تَسْمَعُ للحَلْيِ بها وَسْوَاسًا *


(١) (ق): "الفحل".
(٢) (ع): "حجةً على ... ".
(٣) هو الأعشى، من معلقته، والبيت:
تسمع للحَلْي وسواسًا إذا انصرفتْ ... كما اسْتَعانَ بِرِبحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ
"ديوانه": (ص/ ٣٠٠).