للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا مصدر بمعنى الوسوسة سواء.

قال أصحاب القول الآخر (١): الدليلُ على أنه وصف أن "فَعْلَلَ" ضَرْبَانِ: أحدهما: صحيح لا تكرارَ فيه؛ كَدَحْرَجَ وسَرْهَفَ (٢) وبَيْطَرَ (٣)، وقياس مصدر هذه: "الفَعْلَلَة"، كالَدَحْرَجَة والسَّرْهَفَة والبَيْطَرَة، و"الفِعْلال" -بكسر الفاء- كالسِّرهاف والدِّحْراج، والوصف منه "مفَعْلِلٌ" كمدَحْرِج ومبيْطِر.

والثاني: "فَعْلَل" الثنائي المكرر؛ كزَلْزَلَ ودَكْدَكَ ووَسْوَس، وهذا فرعٌ على "فَعْلَلَ" المجرد عن التَّكرار؛ لأن الأصل السلامةُ من التَّكرار، ومصدر هذا النوع والوصف منه مساوٍ لمصدر الأول ووصفه، فمصدره يأتي على "الفعللة"؛ كالوَسْوَسَةِ وَالزَّلْزَلَةِ، و"الفِعْلال" كالزِّلْزَال، وأَقْيَس المصدرين وأولاهما بنوعي فَعْلَلَ: "الفِعْلال" لأمرين:

أحدهما: أن "فَعْلَلَ" مشاكل لـ "أفْعَلَ" في عدد الحروف، وفتح الأول والثالث والرابعِ وسكون الثاني، فجُعِل "إفعال" مصدرْ "أفعل"، و"فِعْلال" مصدر "فَعْلك"، ليتشاكل المصدران، كما يتشاكل الفِعْلان، فكان "الفِعْلالُ" أولى بهذا الوزن من "الفعللة".

الثاني: أن أصل المصدر أن يخالفَ وزنه وزن فعله، ومخالفة "فِعْلال" لـ "فَعْلَلَ" أشدُّ من مخالفة "فَعْلَلَة" له، فكان "فِعْلال" أحقَّ بالمصدرية من "فَعْلَلَة"، أو تساويا في الاطِّراد مع أن "فَعْلَلَة" أرجحُ في الاستعمال وأكثرُ، هذا هو الأصل.


(١) النص من هنا إلى ص/٧٨٩ من كلام ابن مالك، نقله السيوطي في "الأشباه والنظائر": (٤/ ٥١ - ٥٤).
(٢) السَّرْهفة: نعمة الغذاء. انظر "اللسان": (٩/ ١٥١).
(٣) أصل البَطْر: الشق، ومنه أخذ البَيْطار وهو: معالج الدواب. انظر: "اللسان": (٤/ ٦٩).