للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد الفاتحة، وكذلك قرأ في الفجر بسورة {ق} (١)، ونحو هذا، وتأمل كيف لم يأت بالباءِ في قوله: "قرأ سورةَ النَّجْمِ فسَجَدَ وسَجَدَ معه المسلِمُوْنَ والمشركونَ" (٢) فقال: قرأ سورة النجم، ولم يقل: بها؛ لأنه لم يكن في صلاة فقرأها وحدها، وكذلك قوله: قرأَ عَلَى الجنِّ سورةَ الرحمن (٣) ولم يقل: بسورة الرحمن، وكذلك: "قرأ على أُبَيٍّ سورةَ: {لَم يَكُنِ} (٤) ولم يقل: بسورة {لَم يَكُنِ}، ولم تأت الباء إلا في قراءةٍ في الصلاة كما ذكرتُ لك، وإن شئتَ قلت: هو مضمَّن معنى: صلَّى بسورة كذا وقامَ بسورة كذا، وعلى هذا فيصحُّ هذا الإطلاق وإن أتى بها وحدها، وهذا أحسن من الأول، وعلى هذا فلا يقال: قرأ بسورةِ كذا، إذا قرأها خارجَ الصلاة، وألفاظ الحديث تتنزَّل على هذا، فتدبَّرْها.

فصل (٥)

وأما {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٧٩)} [النساء: ٧٩] فالباء متعلقة بما تضمنه الخبر من معنى الأمر بالإكتفاء، لأنك إذا قلت: "كفى الله"، أو


= ووقع تفسيرها بـ "الأعراف" في "سنن أبى داود" رقم (٨١٢)، والنسائي: (٢/ ١٧٠) وغيرهما.
(١) أخرجه مسلم رقم (٤٥٨) من حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري رقم (١٠٦٧)، ومسلم رقم (٥٧٦) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه الترمذي رقم (٣٢٩١) من حديث جابر -رضي الله عنه-. قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد" أهـ ثم ذكر عن الإمام أحمد والبخاري ما يدلّ على نكارة الحديث.
(٤) أخرجه مسلم رقم (٧٩٩) من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
(٥) "نتائج الفكر": (ص/ ٣٥٥).