للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

وأما "لكِنْ"؛ فقال السُّهيلي: "أصح القولين فيها أنها مركبة من "لا" و"إنَّ" و"كاف الخطاب" في قول الكوفيين. قال السهيلي: وما أراها إلا كاف التشبيه؛ لأن المعنى يدل عليها إذا قلت: "ذهب زيد لكنَّ عَمْرًا مقيم تريد: لا [كفعل] (٢) عَمرو، فـ "لا" لتوكيد النفي عن الأول، و"إنَّ" لإيجاب الفعل الثاني، وهو المنفي عن الأول؛ لأنك ذكرتَ [الذهاب] (٣) الذي هو ضده فدلَّ على انتفائه به.

قلت: وفي هذا من التعسف والبعد عن اللغة والمعنى ما لا يخفى، وأيُّ حاجة إلى هذا بل هي حرف بشرطٍ (٤) موضوع للمعنى المفهوم منها، ولا تقع إلا بين كلامين متنافِيَين.

ومن هنا قال: إنها رُكِّبت من: "لا والكاف وإن"، إلا أنهم لما حذفوا الهمزة المكسورة (٥) كسروا الكاف إشعارًا بها، ولابدَّ بعدها من جملة إذا كان الكلام قبلها موجَبًا، شدَّدتَ نونها أو خفَّفتَ، فإن كان ما (٦) قبلها منفيًّا اكتفيت بالاسم المفرد بعدها، إذا خُفِّفت النون منها، لِعِلْم المخاطب أنه لا يضاد النفي إلا الإيجاب، فلما اكتفت باسم مفرد -وكانت إذا خُفِّفت نونُها لا تعمل- صارت (ق/٧٩ أ) كحروف العطف فألحقوها بها؛ لأنهم حين استغنوا عن خبرها بما تقدم من


(١) "نتائج الفكر": (ص/ ٢٥٥).
(٢) من "النتائج" وتحرّفت في النسخ.
(٣) في الأصول: "الذاهب" والمثبت من "النتائج".
(٤) كذا في (ظ)، وفي (ق): "حروف ... " و (د) والمطبوعات: "حرف شرط"!.
(٥) في الأصول وبعض نسخ "النتائج": "المذكورة" والمثبت من إحدى نسخ النتائج.
(٦) (ظ ود): "ما في"!.