الموطن الثاني: خروجه من هذه الدار إلى دار البرزخ عند الموت، ونسبةُ الدنيا إلى تلك الدار كنسبة داره في بطن أمه إلى الدنيا تقريبًا وتمثيلًا، وإلا فالأمر أعظم من ذلك وأكبر، وطلب السلامة -أيضًا- عند انتقاله إلي تلك الدار من أهم الأمور.
الموطن الثالث: موطن يوم القيامة يوم يبعث اللهُ الأحياءَ، ولا نسبةَ لما قبله من الدور إليه، وطلب السلامة فيه آكد من جميع ما قبله، فإن عَطَبه لا يُسْتدرك، وعَثْرته لا تُقَال، وسَقَمه لا يداوى، وفَقْره لا يُسَد، فتأمل كيف خصَّ هذه المواطن الثلاثة بالسلام لشدة الحاجة إلى السلامة فيها، واعْرِف قدرَ القرآن وما تضمَّنه من الأسرار وكنوز العلم والمعارف التي عجزت عقول الخلائق عن إحصاءِ عُشر معشارها، وتأمل ما في السلام مع الزيادة على السلامة من الأُنس وذهاب الوَحْشة، ثم نَزِّل ذلك على الوَحْشة الحاصلة للعبد في هذه المواطن الثلاثة؛ عند خروجه إلى عالم الابتلاء، وعند مُعَاينته هَوْل المطلع إذا قَدِمْ على الله وحيدًا مجرَّدًا عن كلِّ مُؤْنس إلا ما قدَّمه من صالح عمله، وعند موافاته القيامة مع الجمع الأعظم، ليصيرَ إلى إحدى الدارَيْن التي خُلِق لها، واسْتُعْمِل بعمل أهلها، فأيُّ موطن أحق بطلب السلامة من هذه المواطن، فنسأل الله السلامة فيها بمنه وكرمه ولطفه وجوده وإحسانه (١).
فصل
وأما السؤال السادس عشر: وهو ما الحكمة في تسليم النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -