للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأطباء (١) الكَلْبة، وهامة كهامة القَطَا فضحك هشام وقال: معناه خمسة أميال.

فقد وضح لك أن الأميال مقادير المشي، وهو مصدر، فمن ثَمَّ عمل فيها الفعل، ومن ثَمَّ عمل في المكان، نحو: "جلست مكان زيد"، لأنه مَفْعل من الكَون، فهو في أصل وضعه مصدر عبِّر به عن الموضع، والموضع أيضًا من لفظ الوضع، فلا يعمل الفعل في شيءٍ من هذا القبيل بغير حرف.

والذي قلناه في مكان، أنه من الكَون هو قول الخليل في "كتاب العين" (٢) إلا أنهم شبهوا "الميم" بالحرف الأصلي للزومها، فقالوا: في الجمع: "أمكنة"، حتى كأنه على وزن "فَعَال"، وقد فعلوا ذلك في ألفاظ كثيرة، شبَّهوا الزائد بالأصلي، نحو: "تمدرع" و"تمسكن".

وأما: "جلست يمينك وشمالك"، فليس من هذا الفصل، ولكنه مما حُذِفَ منه الجار لعلم السامع، أرادوا: "عن يمينك وعن شمالك أي: الناحيتين (٣)، ثم حُذِف الجار فتعدَّى الفعل فنَصَب، فهو من باب: "أمرتك الخيرَ"، وإنما حُذِف الحرف لما تضمنه الفعل من معنى الناصب؛ لأنك إذا قلت: "جلست عن يمينك"، فمعنى الكلام: قابلت يمينك وحاذيته، ونحو ذلك.

فصل (٤)

ومن هذا الباب تعدِّي الفعل إلى الحال بنفسه، ونعني بالحال


(١) الطُّبْي: حلمات الضرع، وجمعه: أَطْباء. "القاموس": (ص/١٦٨٤).
(٢) (٥/ ٤١٠).
(٣) "النتائج": "الجارحتين".
(٤) "نتائج الفكر": (ص/ ٣٩٤).