للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبأسماء الله الحُسنى، ما عَلِمْتُ منها وما لم أعْلَمْ، منْ شَرِّ ما خَلَقَ وذَرَأَ وبَرَأَ".

والمقصودُ أنَّ السَّاحرَ والحاسد كل منهما قصده الشَّرُّ, لكن الحاسد بطبعه ونفْسِه وبغضه للمحسود, والشيطان يقترنُ به ويُعينه ويزيِّنُ له حَسَدَهُ ويأمرُه بموجبه, والساحرُ بعلمه (١) وكسبه وشِرْكه واستعانته بالشياطين.

فصل

وقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)} يعمُّ الحاسدَ من الجنِّ والإنس, فإن الشيطانَ وحزبَهُ يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله تعالى من فضله, كما حسد إبليس أبانا آدم وهو عدو لذريته, كما قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: ٦].

ولكنَّ الوسواس أخصُّ بشياطين الجن, والحسدُ أخصُّ بشياطين الإنس, والوَسْواس يعمُّهما كما سيأتي بيانهما, والحسدُ يعمُّهما أيضًا, فكلا الشيطانين حاسدٌ مُوَسْوِسٌ, فالاستعاذةُ من شرِّ الحاسد تتناولُهما جميعًا.

فقد اشتملت السورةُ على الاستعاذة من كلِّ شَرٍّ في العالم, وتضمَّنت شرورًا أربعة يستعاذً منها: شرًّا عامًّا وهو شرُّ ما خَلَق, وشرُّ الغاسق إذا وقب, فهذا نوعان.

ثم ذكر شرَّ الساحر والحاسد, وهي نوعان أيضًا؛ لأنهما من شرِّ النفس الشريرة, وأحدهما يستعينُ بالشيطان ويعبدُه وهو السَّاحرُ,


(١) (ق): "بعمله".