للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقلَّما يتأتَّىْ السحرُ بدون نوع (١) عبادة للشيطان، وتقرُّبٍ إليه؛ إما بذبح باسمه، أو بذبح يُقْصَدُ به هو، فيكون ذبحًا لغير الله، وبغير ذلك من من أنواع الشرك والفسوق.

والساحرُ وإن لم يُسَمِّ هذا عبادة للشيطان فهو عبادةٌ له, وإن سمَّاه بما سمَّاه به, فإن الشرك والكفر هو شركٌ وكفر لحقيقته ومعناه لا لاسمه ولفظه, فمن سجد لمخلوق وقال: ليس هذا بسجود له هذا خضوعٌ وتقبيل الأرض بالجبهة كما أُقَبِّلها بالنِّعم, أو هذا إكرامٌ, لم يخرجْ بهذه الألفاظ عن كونه سجودًا لغير الله فَلْيُسَمِّهِ بما شاء.

وكذلك من ذبح للشيطان ودعاه, واستعاذ (٢) به وتقرَّب إليه بما يحبُّ فقد عَبَدَهُ, وإن لم يُسَمِّ ذلك عبادةً بل يُسَمِّيه استخدامًا ما, وصَدَق هو استخدام (٣) من الشيطان له, فيصيرُ من خَدَم الشيطان وعابديه, وبذلك يخدمُهُ الشيطان, لكن خدمة الشيطان له ليست خدمةَ عبادة, فإن الشيطان لا يخضعُ له ويعبدُهُ كما يفعلُ هو به.

والمقصودُ أن هذا عبادة منه للشيطان وإنما سمَّاه استخدامًا, قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠)} [يس: ٦٠] وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)} [سبأ: ٤٠ - ٤١] فهؤلاء وأشباهُهم عبَّاد الجنِّ والشياطين, وهم أولياؤُهم في الدنيا


(١) (ق): "بنوع" وهو خطأ.
(٢) (ق): "واستعان".
(٣) "ما, وصدق هو استخدام" سقطت من (ق).