للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوقوف عند ما أَذِن لنا فيه من ذلك، فلا نغلو فيه ولا نجفو عنه، وبالله التوفيق.

فصل

وأما السؤال الرابع والعشرون وهو: ما الحكمة في تأكيد الأمر بالسلام على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالمصدر دون الصلاة عليه في قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)[الأحزاب: ٥٦].

فجوابه: أن التأكيد واقع على الصلاة والسلام، وإن اختلفت جهة التأكيد، فإنه سبحانه أخبر في أول الآية (١) بصلاته عليه، وصلاة ملائكته عليه مؤكِّدًا لهذا الإخبار بحرف "إن" مخبرًا عن الملائكة بصيغة الجمع المضاف إليه، وهذا يفيد العمومَ والاستغراق. فإذا استشعَرَت النفوس أن شأنه - صلى الله عليه وسلم - عند الله وعند ملائكته هذا الشأن، بادرت إلى الصلاة عليه وإن لما تُؤمَر بها، بل يكفي [تنبيهها] (٢) والإشارة إليها بأدنى إشارة، فإذا أمِرت بها لم تحتج إلى تأكيد الأمر، بل إذا جاء مطلق الأمر بادرَتْ وسارعَتْ إلى موافقة الله وملائكته في الصلاة عليه صلوات الله وسلامه عليه، فلم يحتج إلى تأكيد الفعل بالمصدر، ولما خلا السلام عن هذا المعنى، وجاءَ في حيِّز الأمر المجود دون الخبر حَسُن تأكيده بالمصدر، ليدل على تحقيق المعنى وتثبيته، ويقوم تأكيد الفعل مقام تكريره (٣)، كما حصل التكرير في الصلاة خبرًا وطلبًا، فكذلك حصل التكرير في السلام فعلاً ومصدرًا،


(١) (ق): "في الأول".
(٢) (ق): "تفسيرها"، و (ظ ود): "تنبيها" والمثبت من "المنيرية".
(٣) (ق): "تقريره".