للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتأمله فإنه بديع جدًا، والله (ق / ١٦٥ ب) أعلم.

وقد ذكرنا بعض ما في هذه الآية من الأسرار والحكم العجيبة في كتاب "تعظيم شأن الصلاة والسلام على خير الأنام" (١) وأتينا فيه من الفوائد بما يُساوي أدناها رِحلة مما لا يوجد في غيره، ولله الحمد، فلنقتصر على هذه النكتة الواحدة.

فصل

وأما السؤال الخامس والعشرون وهو: ما الحكمة في تقديم السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة قبل الصلاة عليه؟ وهلا وقعت البداءة بما يدأ الله به في الآية؟.

فهذا سؤال -أيضًا- له شأن، لا ينبغي الإضراب عنه صفحًا وتمشيته، (ظ / ١٢٥ ب) والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان شديد التحري لتقديم ما قدَّمه الله والبداءة بما بدأ به، فلهذا بدأ بالصفا في السعي وقال: "نَبْدَأ بما بَدَأ الله به" (٢) وبدأ بالوجه ثم اليدين ثم الرأس في الوضوء، ولم يخل بذلكَ مرَّة واحدة، بل كان هذا وضوءه إلى أن فارقَ الدنيا، لم يقدِّم منه مؤخَّرًا ولم يؤخر منه مقدَّمًا قط، ولا يقدر أحد ينقل عنه خلاف ذلك لا بإسناد صحيح ولا حسن ولا ضعيف (٣)، ومع هذا


(١) وهو كتاب "جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام - صلى الله عليه وسلم -".
(٢) تقدم ١/ ١٢٢.
(٣) لكن أخرج أحمد في "المنسد": (٤/ ١٣٢)، ومن طريقه أبو داود رقم (١٢٢) عن المقدام بن معد يكرب في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه تأخير المضمضة والاستنشاق بعد غسل الذراعين.
وإسناده جيد، وقواه غير واحد، انظر "نيل الأوطار": (١/ ١٧٠)، و"تمام المنة": (ص/ ٨٨). =