للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاسم؛ لأنه بيان لما هو مضاف إلى ذلك الاسم في التقدير، والعجب من الفارسيِّ يقول في قوله تعالى: {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥)} [البروج: ٥] أنها بدل من (الأخدود) بدل الاشتمال، والنار جوهر قائم بنفسه، ثم ليست مضافة إلى ضمير (الأخدود)، وليس فيها شرط من شرائط الاشتمال! وذَهَل أبو علي عن هذا، وترك ما هو أصح في المعنى وأليق بصناعة النحو، وهو حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، فكأنه قال: "قتل أصحاب الأخدودِ، أخدودِ النار ذات الوقود"، فيكون من بدل الشيء من الشيء، وهما لعين واحدة، كما قال الشاعر (١):

* رَضِيْعَي لِبَانٍ ثَدْىِ أُمٍّ تَحَالَفا *

على رواية الجر في "ثدي أم" أراد: لبان ثدي، فحذف المضاف.

فائدة بديعة (٢)

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧].

{حِجُّ الْبَيْتِ} مبتدأ، وخبره في أحد المجرورين قبله، والذي يقتضيه المعنى أن يكون في قوله: {عَلَى النَّاسِ} لأنه وجوب، والوجوب يقتضي "على"، ويجوز أن يكون في قوله: {وَلِلَّهِ} لأنه يتضمن الوجوب والاستحقاق، ويرجح هذا التقدير أن الخبر محط الفائدة وموضعها وتقديمه في هذا الباب في نية التأخير،


(١) هو: الأعشى ميمون قيس، "ديوانه": (ص/ ٢٢٥). وعجزه: * بأَسْحَمَ داجٍ عَوْضُ لا نتفرَّق *
(٢) "النتائج": (ص/ ٣٠٩).