للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الأحق (١) أن يكون {وَلِلَّهِ}، ويرجح الوجه الأول بأن يقال: قوله: "حج البيت على الناس" أكثر استعمالًا في باب الوجوب من أن يقال: حج البيت لله، إي: حقٌّ واجب لله، فتأمله.

وعلى هذا ففي تقديم المجرور الأول -وليس بخبر- فائدتان:

إحداهما: أنه اسم للمُوْجِب للحج، فكان أحق بالتقديم من ذكر الوجوب، فتضمنت الآية ثلاثةَ أمور مرتبة بحسب الوقائع (٢): أحدها: الموجِب لهذا الفرض فبُدئ بذكره. والثاني: مؤدى الواجب وهو المفتَرَض عليه، وهم الناس. والثالث: النسبة والحق المتعلق به إيجابًا وبهم وجوبًا وأداءً وهو الحج.

والفائدة الثانية: أن الاسم المجرور من حيث كان اسمًا لله سبحانه وجب الاهتمام بتقديمه تعظيمًا لحرمةِ هذا الواجب الذي أوجبه وتخويفًا من تضييعه؛ إذ ليس ما أوجبه الله سبحانه بمثابة ما يوجبه غيره.

وأما قوله "من" فهي بدل، وقد استهوى طائفة من الناس القول بأنها فاعل بالمصدر، كأنه قال: "أن يحج البيت من استطاع إليه سبيلًا"، وهذا القول يضعف من وجوهٍ:

منها: أَنَّ الحج فرض عين، ولو كان معنى الآية ما [ذكروه] لأفهم فرض الكفاية؛ لأنه إذا حج المستطيعون برئت ذِممُ غيرهم؛ لأن المعنى يؤول إلى: ولله على الناس أن يحج البيت مستطيعهم،


(١) (ق): "فكان الأحسن".
(٢) (د): "الواقع".