للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما كان نفعه وحظُّه من جهته باعتبار شهوده ذلك وغيبته عن سواه، فهذه نكتٌ جامعةٌ (ق/٢٧١ أ) مختصرة، إذا تأمَّلَها المنصفُ عظُمَ انتفاعُهُ بها، واستقامَ له نظَرُهُ ومناظرته، والله الموفق.

فائدة (١)

اختلف ابنْ قُتَيْبَةَ وابنُ الأنباريِّ في السَّمع والبَصَر أيهما أفضل (٢)؟.

ففضَّل ابنُ قتيبهَ السَّمع ووافقه طائفة، واحتجَّ بقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (٤٢) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (٤٣)} [يونس: ٤٢، ٤٣]، قال: فلما قرن بذهاب السمع ذهاب العقل، ولم يقرن بذهاب النظر إلا ذهاب البصر كان دليلًا على أن السمع أفضل.

قال ابنُ الأنباري: هذا غلط، وكيف يكون السَّمع أفضلَ وبالبصر يكون الإقبال والإدبار، والقربُ إلى النجاة والبعد من الهلاك، وبه جمالُ الوجه وبذهابه شيْنُهُ، وفي الحديث: "مَنْ أذْهَبْتُ كَرِيمَتَيْهِ فصَبرَ وَاحْتَسَبَ لَمْ أرْضَ لَهُ ثَوَابًا دُونَ الجَنَّةِّ" (٣).

وأجاب عما ذكره ابن قتيبة بأن الذي نفاه اللهُ تعالى مع السَّمع بمنزلة الذي نفاه عن البصر، إذ كأنه (٤) أرادَ إبصارَ القلوب، ولم يُرِدْ


(١) هذه الفائدة بتمامها ساقطة من (ق).
(٢) تقدم البحث في هذه المسألة في أول الكتاب (١/ ١٢٣ - ١٣٠)، وكلام ابن قتيبة في كتابه: "تأويل مشكل القرآن": (ص/٧)، وكلام ابن الأنباري لعله في كتابه "المشكل في الرد على أبي حاتم وابن قتيبة"، ذكره الخطيب في "تاريخه": (٣/ ١٨٤)، والقفطي في "الإنباه": (٣/ ٢٠٤). أو في تفسيره.
(٣) أخرج البخاري رقم (٥٦٥٣) نحوه من حديث أنسٍ، وأخرجه الترمذي بهذا اللفظ رقم (٢٤٠١)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٤) (ع وظ): "كان".