للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أمثلة ذلك: بيع المُغَيَّب في الأرض من السَّلْجم والجَزَر والقُلْقاس وغيره؛ فدليل المشروعية أو منعها موقوفٌ على الشارع لا يُعلمُ إلا من جهته، ودليلُ سبب الحكم أو شروطه أو مانعه يرجعُ فيه إلى أَهْله.

فإذا قال المانِعُ من الصِّحَّة: هذا غَرَرٌ؛ لأنه مستورٌ تحت الأرض، قيل: كون هذا غَرَزًا أو ليس بغَرَر، يرجعُ إلى الواقع لا يتوقَّفُ على الشرع، فإنه من الأمور العاديَّة المعلومة بالحِسِّ أو العادة، مثل كونه صحيحًا أو سقيمًا، وكبارًا أو صغارًا، ونحو ذلك، فلا يُسْتدلُّ على وقوع أسباب الحكم بالأدلَّة الشرعية، كما لا يُسْتَدلُّ على شرعيته بالأدلة الحسية، فكود الشيء متردِّدًا بين السَّلامة والعَطَب، وكونه مما يجهلُ عاقبتُهُ وتطوى مغَبَّتُه أو ليس كذلك يُعْلمُ بالحِسِّ أو العادة لا يتوقَّفُ على الشَّرع، ومن استدلَّ على ذلك بالشرع، فهو كمن استدلَّ على أن هذا الشرابَ مثلًا مسكرٌ بالشَّرع، وهذا ممتنعٌ بل دليلُ إسكاره الحِسُّ، ودليل (١) تحريمه الشرعُ.

فتأمَّلْ هذه الفائدةَ ونفعَها، ولهذه القاعدة عبارةٌ أخرى وهي: أن دليلَ سببية الوصف غيرُ دليل ثبوته، فيستدلُّ على سببيته بالشرع، وعلى ثبوته بالحِسِّ أو العقل أو العادة، فهذا شيءٌ وذاك شيءٌ.

فائدة

الأمر المطلق، والجرحُ المُطلق، والعلمُ المُطلق، والترتيبُ المُطلق، والبيعُ المُطلق، والماء المُطلق، والملكُ المُطلق، غيرُ مُطلقِ الأمرِ، والجرح، والعلم ... إلى آخرها، والفرق بينهما من وجوه:


(١) من قوله: "هذا الشراب ... " إلى هنا ساقط من (ع).