للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا التقدير فيجوزُ فيه الرَّفعُ بدلاً من "أَحَد" المدلول عليه بالجهر، أي: "لا يُحِبُّ الله أن يَجْهَرَ أحَدٌ بالسُّوء إلا المظْلومُ" ويجوزُ فيه النصبُ بَدَلاً من الجهر، والمعنى: "إلَاّ جَهْرَ مَنْ ظُلِمَ".

وقُرِئ: "مَنْ ظَلَمَ" (١) بالفتح، وعلى هذه القراءة فمنقطع ليس إلا، أي: "لكنِ الظالِمُ يَجْهَرُ بالسُّوءِ من القَوْل".

المثال الخامس عشر: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] فهذا استثناء منقطعٌ تضمَّنَ نفيَ الأكل بالباطل، وإباحةَ الأكل بالتِّجارة الحقِّ، ومن قدَّر دخولَه في الأوَّل قدَّر مستثنىً منه عامًّا، أي: "لا تأكلُوا أموالَكمْ بَيْنَكم بسبب من الأسباب، إلا أن تكونَ تِجَارةً" أو يقدَّرُ: بـ "البَاطلِ ولا بغيرِهِ إلا بالتجَارة"، ولا يخفى التكَلُّف على هذا التقدير بل هو فاسدٌ، إذ المُرادُ بالنهي الأكل (٢) بالباطل وحدَه، وقُرِئَ برفعِ التجارة ونصبها، فالرَّفعُ على التَّمام، والنَّصب على أنها خبرُ كان النَّاقصة، وفي اسمها على هذا وجهان:

أحدهما: التقدير: إلا أن يَكونَ سببُ الأكل أو المعاملة تجارةً (٣).

والثاني: إلا أن تكونَ الأموالُ (٤) تجارةً (٥).


(١) وهب قراءة زيد بن أسلم وابن أبى إسحاق. انظر: "الجامع لأحكام القرآن": (٦/ ٣).
(٢) (ق): "لا تأكل".
(٣) فحُذِف المضاف وأقيم المضاف إليه مكانه.
(٤) كذا في (ع)، و (ق): "المعاملة"، و (ظ): "أموال الناس".
(٥) فيكون اسمها مضمرًا فيها.