للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما اشتراط الحرية ففي غاية البعد، ولا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع (١)، وقد حكى أحمد عن أنس بن مالك، أنَّه قال: "ما علمتُ أحدًا رد شهادة العبد" (٢)، والله تعالى يقبل شهادته على الأمم يوم القيامة، فكيف لا يقبل شهادته على نظيره من المكلفين! ويقبل شهادته على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الرواية، فكيف لا يقبل شهادته (٣) على رجل في درهم! ولا ينتقض هذا بالمرأة، لأنَّها تقبل (٤) شهادتها مع مثلها لما ذكرناه، والمانع من قبول شهادتها وحدها منتفٍ في العبد.

وعلى هذه القاعدة مسائل:

أحدها: الإخبار عن رؤية هلال رمضان، من اكتفى فيه بالواحد؛ جعله روايةً لعمومه للمكلفين، فهو كالأذان، ومن اشترط فيه العدد ألحقه بالشهادة، لأنَّه لا يعمّ الأعصار ولا الأمصار، بل يخص تلك السنة وذلك المصر في أحد القولين، وهذا ينتقض بالأذان نقضًا لا محيص منه.

وثانيهما: الإخبار بالنسب بالقافة (٥)، فمن حيث إنَّه خبر جزئي عن شخص جزئي، يخص (٦) ولا يعم، جري مجري الشهادة، ومن


(١) انظر "التقريب": (ص ٤٠٣).
(٢) ذكره المصنّف في "الطرق الحكمية": (ص / ١٦٦)، وابن قدامه في "المغني": (١٤/ ١٨٥)، وأسند ابن أبي شيبه في "المصنف": (٤/ ٢٩٢) إلي أنسٍ جواز شهادة العبد. ثم ساق أقوال المانعين.
(٣) من (ق).
(٤) (٥): (مثل).
(٥) (ق): "في القيافة"، و (د): "بالقافية"!.
(٦) "جزئي يخص" سقطت من (ق).