للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كجنب الشيء إذا قالوا: "هذا في جنب الله"، لا يريدون إلا فيما يُنسَب إليه من سبيله ومرضاته وطاعته، لا يريدون غير هذا ألبتَّةَ.

فلما اصطلح المتكلمون على إطلاق الذات على النفس والحقيقة، ظنَّ من ظن أنَّ هذا هو المراد من قوله: "ثَلاثُ كَذَباتٍ في ذاتِ اللِه". وقوله:

*وذلك في ذات الإله *

فغلط واستحقَّ التغليط، بل الذات هنا كالجنب في قوله تعالى: {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: ٥٦] ألا ترى أنه لا يحْسُن أن يقال هاهنا: "فرطت في نفسِ اللهِ وحقيقته"، ويحسن أن يقال: "فرط في ذات الله"، كما يقال: فعل كذا في ذات الله، وقتل في ذات الله (١)، وصبر في ذات الله. فتأمل ذلك فإنه من المباحث العزيزة الغريبة (٢)، التي يُثنى على مثلها الخناصر، والله الموفق المعين (٣).

فائدة (٤)

ما الفائدة في إبدال النكرة من المعرفة وتبيينها بها، فإن كانت الفائدةُ في النكرة فَلِمَ ذُكِرَت المعرفة، وإن كانت في المعرفة فما بال ذكر النكرة؟.


(١) من قوله: "ويحسن أن يقال ... " إلى هنا تكرر في (ظ ود).
(٢) ليست في (ظ ود).
(٣) وانظر: "مجموع الفتاوي": (٣/ ٣٣٤ - ٣٣٥، ٦/ ٣٤١ - ٣٤٢)، و "درء التعارض": (٤/ ١٤١ - ١٤٢، ٥/ ٥٤).
(٤) "نتائج الفكر": (ص/ ٢٩٨).