للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلام مبدؤه من المتكلم ومنتهاه عند المخاطَب، ولولا المخاطَب ما كان كلام المتكلم لفظًا مسموعًا، ولا احتاج إلى التعبير عنه، فلما اشتركا في المقصود بالكلام وفائدته، اشتركا في اللفظ الدالِّ على الاسم الظاهر، وهو الألف والنون، وفُرِّقَ بينهما بالتاء خاصة. وخُصَّت "التاء" بالمخاطب لثبوتها علامة لضميره في: "قمت"، إلا أنها هنا اسم، وفي "أنت" حرف.

فإن قلت: فهي علامةٌ لضمير المتكلم في "قمت" (١)، فلِمَ كان المخاطَب أَوْلى بها؟.

قلت: الأصل في التاء للمخاطب، وإنما المتكلم دخيل عليه، ولما كان دخيلاً عليه خَصُّوه (٢) بالضم؛ لأن فيه من الجمع والإشارة (ق/ ٧١ أ) إلى نفسه ما ليس في الفتحة، وخَصُّوا المخاطَب بالفتح؛ لأن في الفتحة من الإشارة إليه ما ليس في الضمة، وهذا معلوم في الحسِّ.

وأما ضمير المتكلم المخفوض فإنما كان "ياءً"؛ لأن الاسم: الظاهر لما تُرِكَ لفظُه استغناءً، ولم يكن بُدٌّ من علامةٍ دالَّة عليه، كان أولى الحروف بذلك حرفًا من حروف الاسم المضمر (٣)، وذلك: لا يمكن لاختلاف أسماءِ المتكلِّمين، وإنما أرادوا علامة تختص بكلِّ متكلِّم (ظ/٥٣ أ) في حال الخفض، والأسماء مختلفة الألفاظ متفقة: في حال الإضافة إليها (٤) في الكسرة التي هي علامة الخفض، إلا أن الكسرة لا تستقل بنفسها حتى تُمَكَّن فتكون "ياء"، فجعلوا "الياء".


(١) من قوله: "إلا أنها ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٢) (ق): "خصوها" و (ظ): "خصوصًا"، والمثبت من (النتائج ود).
(٣) كذا في النسخ و"النتائج" واستظهر محققه أن صوابها: "المُظْهَر".
(٤) الأصول: "إلى الياء".