للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنهم أرادوا مشاكَلَة اللفظ للمعنى، فحذفوا الألف؛ لأن معنى قولهم: "فيم ترغب"؟ في أي شيء، و"إلام تذهب"؟ إلى أيّ شيء، و"حتَّام لا ترجع"؟ حتى أيِّ غايةٍ تستمر، ونحوه، فحذفوا الألف مع الجار (ق/ ٦٢ أ) ولم يحذفوها: في حال النصب والرفع (١) كيلا تبقى الكلمة على حرفٍ واحد، فإذا اتصل بها حرف الجر أو اسم مضاف اعتمدَتْ عليه؛ لأن الخافضَ والمخفوضَ بمنزلة كلمةٍ واحدة.

وربما حذفوا الألف في غير موضع الخفض، ولكن إذا حذفوا الخبر فيقولون: مه يا زيد؟ أي: ما الخبر؟ وما الأمر؟ فلما كثر الحذف في المعنى كثر في اللفظ، ولكن لابد من هاء السكت لتقف عليها.

ومنه قولهم: "مَهْيَم" كان الأصل: ما هذا يا امرؤ؟ فاقتصروا من كلِّ كلمة على حرف، وهذا غاية الاختصار والحذف. والذي (ظ/١٤٦) شجعهم على ذلك: أَمْنهم من اللَّبْس لدلالة حال المسؤول والمسؤول عنه على المحذوف، فيفهم (٢) المخاطب من قوله: "مَهْيَم". ما يفهم من تلك الكلمات الأربع. ونظير هذا قولهم: "أَيْشٍ"، في "أيِّ شيءٍ"، و"م الله" في و "أيمن الله".

فائدة بديعة (٣)

قوله عز وجل: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (٦٩)} [مريم: ٦٩] الشيعة (٤): الفرقة التي شايعَ بعضها بعضًا، أي تابعه، ومنه


(١) (ق): "والجر" وهو خطأ.
(٢) (ظ ود): "فهم".
(٣) "نتائج الفكر": (ص/١٩٨).
(٤) سقطت من (ظ ود).