للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذاتِ يَدِه" (١)، فهذا يدل على أن التقدير هناك: "أحسن شيءٍ وأجمله لا أنه: "أحسن فتى إذ لو كان التقدير: "أحسن فتى" لكان نظيره هنا: "أحنى امرأة على ولد فكان يقال: "أحناها وأرعاها"، فلما عَدَل إلى التذكير؛ دل على أنهم أرادوا (٢): أحْنا شيءٍ من هذا الجنس وأَرْعاه.

فائدة بديعة (٣)

قولك: "ضرب القوم بعضهم بعضًا"، هذه المسألة مما لم يدخل تحت ضبط النحاة ما يجب تقديمه من الفاعلين، فإن كليهما ظاهر إعرابه وتقديم الفاعل متعيِّن. وسرُّ ذلك مكان (٤) الضمير المحذوف، فإن الأصل أن يقال: "ضرب القوم بعضهم بعضهم"؛ لأن حق البعض أن يضاف إلى الكل ظاهرًا أو مقدَّرًا، فلما حذفوه من المفعول استغناء بذكره في الفاعل لم يجوزوا تأخير الفاعل، فيقولوا: "ضرب بعضًا بعضُهم"؛ لأن اهتمامهم بالفاعل قد قَوِيَ وتضاعف لاتصاله بالضمير الذي لابُدَّ منه؛ فبعد أن كانت الحاجة إلى الفاعل مرة، صارت الحاجةُ إليه مرَّتين.

فإن قلت: فما المانع من إضافة "بعض" المفعول إلى الضمير فتقول: "ضرب القوم بعضهم بعضٌ أو: "ضربَ القوم بعض بعضَهم"؟


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٤٣٤)، ومسلم رقم (٢٥٢٧) من حديث أبى هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) (ق): "عليه أنه أراد".
(٣) "نتائج الفِكر": (ص/١٧٤).
(٤) في "المنيرية": "وهو".