للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للعلم بالمدلول لا يتخلَّف عنه، فانتقال الذهن منها إلى المدلولِ انتقالٌ بيِّنٌ في غاية البيان (١)، وهو كانتقال الذهن من رؤية الدخان إلى أن تحته نارًا، ومن رؤية الجسم المتحرِّك قسرًا إلى أنَّ له محرِّكًا، ومن رؤية شعاع الشمس إلى العلم بطلوعها، ونظائر ذلك، فالعلم بمفردات هذه القضايا الكلِّيَّة أسبق إلى الذهن وأظهر (٢) من القضية الكلِّيَّة، بل لا تتوقَّف دلالتها على القضيَّة الكلية البتة، وعلم العقلِ بمدلول الآية المعيَّنة الحسِّيَّة كعلم الحسِّ بتلك الآية لا فرق في العلم بينهما، إلا أن الآية تدرك بالحسِّ ومدلولها بالعقل، فعلمُ العقل بثبوت التوحيد والمعاد والنُّبوَّات وجزمه بها كجزم الحس بما يشاهد من آياتها المشهودة.

فائدة

الفعل بالنسبة إلى التَّكليف (٣) (ق / ٣٨٣ أ) نوعان:

أحدهما: اتَّفق الناس على جوازه ووقوعه (٤)، واختلفوا في نسبة إطلاق القول عليه، بأنه لا يطاق،

والثاني: اتَّفق الناس على أنه لا يطاق، وتنازعوا في جواز الأمر به، ولم يتنازعوا في عدم وقوعه، ولم يثبت بحمد الله أمرٌ اتفق المسلمون على فعل كلِّف به العبد، وأطلقوا القول عليه بأنه لا يُطَاقُ،


(١) زاد في (ع): "وأظهر".
(٢) (ع): "والحركة".
(٣) (ق): "بالتكليف إلى النسبة".
(٤) (ق): "جواز وقوعه".