للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللمسألة ثلاثةُ مآخِذَ:

أحدها: أنَّ الاستطاعة مع الفعل أو قبله، والصواب أنها: نوعان؛ نوعٌ قبلهُ، وهي المصحِّحة للتَّكليف التي هي شرطٌ فيه، ونوعٌ مقارنٌ له، فليست شرطًا في التَّكليف.

المأخذ الثاني: أنَّ تعلُّق علم الله سبحانه بعدم وقوع الفعل هل يخرجه عن كونه مقدورًا للعبد؟ فمن أخرجه عن كونه مقدورًا قال: الأمر به أمرٌ بما لا يطاق، ومن لم يخرجه عن كونه مقدورًا لم يطلق عليه ذلك، والصواب: أنه لا يخرجه عن كونه مقدورًا القدرة المصحِّحة، التي هي مناط التكليف وشرطٌ فيه، وإن أخرجه عن كونه مقدورًا القدرة الموجبة للفعل المقارنة له.

المأخذ الثالث: أن ما (١) تعلَّق علم الله بأنه لا يكون من أفعال المكلَّفين نوعان:

أحدهما: أن يتعلق بأنه لا يكون لعدم القدرة عليه، فهذا لا يكون ممكنًا مقدورًا ولا مكلَّفًا به (٢).

والثاني: ما تعلَّق بأنه لا يكون لعدم إرادة العبد له، فهذا لا يخرج بهذا العلم عن الإمكان، ولا عن جواز الأمر به ووقوعه.

ولهذا مأخذٌ رابع -وهو من أدقَّها وأغمضها- وهو: أنَّ ما علم الله أنه لا يكون؛ لعدم مشيئته له ولو شاءه من العبد لفعله، هل تخرجه عدم مشيئة الرَّبِّ تعالى له عن كونه مقدورًا، ويجعل الأمر به


(١) من قوله: "مقدورًا القدرة ... " إلى هنا ساقط من (ع).
(٢) (ع): "لا يكون مقدورًا به"، و (ق): "لا يكون مقدورًا ملكًا ولا مكلفًا به".