للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على "فَعِل" كبَلِع، ولكنه ليس مثله، إلا أن تريد: أن الماء خالط أجزاءَ الشارب له وحصل من الشرب صفة في الشارب، فيجوز حينئذ، نحو قوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة: ٩٣] [البقرة: ٩٣] وعلى هذا يقال: "أشربت الدهنَ الخبزَ"؛ لأن شرب الخبز الدهن ليس كشرب زيد الماء، فتأمله.

وأما "ذَكَرَ زيدٌ عمرًا" فإن كان من ذِكْر اللسان لم ينقل، لأنه بمنزلة: شَتَم ولَطَم، وإن كان من ذِكر القلب نُقِل، فقلت: "أذكرته الحديث"، بمنزلة: أفهمته وأعلمته، أي: جعلتُه على هذه الصفة.

فائدة (١)

"اخترت" أصلُه أن يتعدَّى بحرف الجر وهو "مِنْ"، لأنه يتضمن إحْراجَ شيءٍ من شيء. وجاء محذوفًا في قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} [الأعراف: ١٥٥]، لتضمن الفعل معنى فعل غير متعد، كأنه نَخل قومَه وميَّزَهم وسَبَرَهم، ونحو ذلك، فمن هاهنا -والله أعلم- أسْقِط حرفُ الجر كما سقط من "أمرتك الخير"، أي: ألزمتك وكلفتك؛ لأن الأمر إلزام وتكليف، ومنه: "تمرون الديار"، أي: تقطعونها وتجاوزونها، ومنه: "رحُبَتْك الدار"، أي: وَسِعَتْك.

فائدة (٢)

الاختيار تقديم المجرور في باب "اخترت" (٣)، وتأخير المفعول المجرد عن حرف الجر، فتقول: "اخترت مِن الرجالِ زيدًا"، ويجوز


(١) نتائج الفكر": (ص/٣٣٠).
(٢) المصدر نفسه.
(٣) إذا لم يسقط حرف الجر.