للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه التأخير، فإذا أسقطت الحرف لم يحسن تأخير ما كان مجرورًا به في الأصل، فيقبح أن تقول: "اخترتُ (ق/ ١١٠ ب) زيدًا الرجال"، و"اخترتُ عشرةَ الرجال"، أي: من الرجال، لما يوهِم من كون المجرور في موضع النعتِ للعشرة، وأنه ليس في موضع المفعول الثاني، -وأيضًا- فإن "الرجال" معرفة فهو أحق بالتقديم للاهتمام به، كلما لزم في تقديم المجرور الذي هو خبر عن النكرة من قولك: "في الدار رجل"، لكون المجرور معرفة، وكأنه المخْبَر عنه، فإذا حذفتَ حرفَ الجر لم يكن بُد من التقديم للاسم الذي كان مجرورًا، نحو: اخترتُ الرجالَ عشرة.

والحكمة في ذلك أن المعنى الذي من أجله حُذفَ حرفُ الجر هو معنى غير لفظ، فلم يقو على حذف حرف الجر (١) إلا مع اتصاله به وقربه منه.

ووجه ثانٍ: وهو أن القليل الذي اختير من الكثير إذا كان مما يتبعَّض ثم ولي الفعل الذي هو "اخترت" توهم أنه مختار منه أيضًا؛ لأن كل ما يتبعَّض يجوز فيه أن يختار منه وأن يختار (٢)، فألزموه التأخير وقدَّموا الاسمَ المختار منه، وكان أولى بذلك لما سبق من القول؛ فإن كان مما لا يتبعَّض نحو: زيد وعَمرو، فربما جاز على قِلَّة من الكلام، نحو قوله:

* ومنَّا الذي اخْتِيْرَ الرِّجالَ سَماحَةً (٣) *


(١) من قوله: "هو معنى ... " ساقط من (ظ ود).
(٢) في الأصول "يختاره" والمثبت من "النتائج".
(٣) للفرزدق، "ديوانه" (٢/ ٥١٦)، وعجزه:
* وخيرًا إذا هبَّ الرياح الزعازع *