للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى إن قارئ الكتاب كلما جملةً منه تطلَّعت نوازعُ قلبه إلى استفادة ما بعدها، فإذا كررت (١) له فائدة واحدة مرتين سئمتها نفسُه، فكان اللائق بهذا المقصود أن يُجدِّد له سلامًا غير الأول، يسرُّه به كما سرَّه بالأول، وهو السلام العامُّ الشامل.

ولما فرغ الكاتب من فصول كتابه وختمها، أتى بالواو العاطفة مع السلام المعرفة، فقال: "والسلام عليكم"، أي: وبعد هذا كله السلام عليكم، وقد تقدَّم أن السلامَ إذا انبنى على اسم مجرور قبله، وكان سلامَ رَدٍّ لا ابتدَاء، فانه يكون معرَّفا نحو: "وعليك السلام"، ولما كان سلام الكاتب هاهنا ليس سلامَ ردّق، قُدِّمَ السلام على المجرور، فقال: "والسلامُ عليكم"، وأتى بـ "اللام" لتفيد تجديد سلامٍ آخر، والله أعلم.

وهذه فصاحةٌ غريبة (٢)، وحكمة سلفية، موروثة عن سلف الأمة وعن الصحابة في مكاتباتهم، وهكذا كانوا يكتبون إلى نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، وقد فرغنا من جواب السؤال التاسع المتعلِّق بواو العطف.

فصل

وأما السؤال العاشر: وهو السرّ في نصب "سلام" ضيف إبراهيم من الملائكة، ورَفْع سلامه.

فالجواب: أنك قد عرفت قول النُّحاة فيه: أن سلامِ الملائكة تضمَّن جملة فعلية؛ لأن نصب "السلام" يدلُّ على "سلّمُنا عليكَ


(١) (ق): "ذكرت".
(٢) كذا في الأصول ولعلها: "عربية".