للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ثبوت هذه النِّسبة في ذهنه؛ لكن ليست هذه هى الخبرية التي وضع لها لفظ الخبر، وكل موضع كان المعنى حاصلاً فيه من غير جهة المتكلِّم، وليس للمتكلّم فيه إلا دعاؤه بحصوله ومحبته، فالخبرُ فيه لا يناقض الإنشاء، وهذا نحو: "سلامٌ عليكم"، فإن السلامة المطلوبة (١) لم تحصل بفعل المسلِّم، وليس للمسلِّم إلا الدعاء بها ومحبتها، فإذا قال: "سلامٌ عليكم"، تضمَّن الإخبار بحصول السلامة والإنشاء للدعاء بها وإرادتها وتمنِّيها، وكذلك: "ويل له" قال سيبويه: هو دعاء وخبر، ولم يفهم كثير من الناس قولَ سيبويه على وجهه، بل حرَّفوه عما أراده به، وإنما أراد سيبويه هذا المعنى أنها تتضمن الإخبار بحصول الويل له مع الدعاء به، فتدبَّر هذه النكتة التي لا تجدها محرَّرةً في غير هذا الموضع هكذا (ظ/١١٠ أ)، بل تجدهم يُطلقون تقسيم الكلام إلى خبير وإنشاء من غير تحرير وبيان لمواضع اجتماعهما وافتراقهما .. وقد عرفت بهذا أن قولهم: "سلام عليكم"، و"ويل له"، وما أشبه هذا، أبلغ من إخراج الكلام في صورة الطلب المجرد نحو: اللهم سلمة.

فصل

وأما السؤال الرابع: وهو ما معنى السلام المطلوب عند التحية؟.

ففيه قولان مشهوران:

أحدهما: أن المعنى: اسم السلام عليكم، و"السلام" هنا هو الله عز وجل ومعنى الكلام: نزلت بركةُ اسمه عليكم، وحلت عليكم، ونحو هذا، واختير في هذا المعنى من أسمائه عز وجل اسم "السلام" دون غيره من الأسماء، لما يأتى في جواب السؤال الذي بعده،


(١) (ظ ود) "السلام المطلق به" وهو تحريف.