للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتجَّ أصحابُ هذا القول بحجج، منها: ما ثبت في "الصحيح" (١) أنهم كانوا يقولون في الصلاة: السلام على الله قبل (٢) عباده، السلام على جبريل، السلام على فلان، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَقولوا: السَّلامُ على اللهِ فإنَّ اللهَ هو السلام، ولكنْ قُولوا: السلامُ عَلَيْك أيُّها النبيّ ورحمة اللهِ وبركاته، السلامُ عَلَيْنا وعلى عِبادِ اللهِ الصَّالحين"، فنهاهم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أن يقولوا: "السلام على الله"؛ لأن السلام على المسلَّم عليه دعاء له وطلب أن يَسْلَم، والله تعالى هو المطلوبُ منه لا المطلوبُ له، وهو المدعوّ لا المدعوّ له، فيستحيل أن يُسَلَّم عليه، بل هو المسلِّمُ على عباده كما سلَّم عليهم في كتابه حيث يقول: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١)} [الصافات: ١٨٠ - ١٨١]، وقوله: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩)} [الصافات: ١٠٩]، {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ} [الصافات: ٧٩] {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (١٣٠)} [الصافات: ١٣٠]، وقال في يحيى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ} [مريم: ١٥] وقال لنوح: {اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ} [هود: ٤٨] ويسلِّم يوم القيامة على أهل الجنة كما قال تعالى: {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (٥٧) (٣) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)} [يس: ٥٧ - ٥٨] فـ "قولاً" منصوب على المصدر، وفعله ما تضمَّنه "سلام" من القول؛ لأن السلام قول.

وفي "مسند الإمام أحمد" (٤) و"سنن ابن ماجه" (٥) من حديث


(١) البخاري رقم (٨٣١)، ومسلم رقم (٤٠٢) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.
(٢) كذا فى أكثر الروايات، وفي رواية للبخاري "من"، انظر "الفتح": (٢/ ٣٦٣).
(٣) الآية ساقطة من (د).
(٤) لم أجده في "المسند"، وقد عزاه المصنف إلى المسند في حاشيته على أبي داود: (٧/ ١١٣) أيضًا.
(٥) رقم (١٨٤).