للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "بَيْنَا أهْلُ الجنَّةِ في نَعيْمهِمْ إذ سَطَعَ لَهم نُوْرٌ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَرَفَعُوا رُؤوسَهُم فَإذَا الجَبَّارُ جَلَّ جَلالُهُ قَدْ أشْرَف عَلَيهِم مِنْ فَوْقِهم وقال: يَا أَهْلَ الجنةِ سَلامٌ عَلَيْكم ثُمَّ قَرَأ قوله: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)} [يس: ٥٨] ثُمَّ يَتَوارَى عنهم فَتَبْقَى رَحْمَتُه وبَرَكَتُه عَلَيْهِمْ في دِيَارِهِمْ" (١).

وفي "سنن ابن ماجة" (٢) مرفوعًا: "أوَّل مَنْ يُسلِّم عَلَيه الحقُّ يومَ القَيَامَةِ عُمَر"، وقال تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} [الأحزاب: ٤٤] فهذا تحيتهم يوم يلقونه تبارك وتعالى، ومحالٌ أن تكون هذه تحية منهم له فإنهم أعرف به من أن يسلموا عليه وقد نُهوا عن ذلك في الدنيا، وإنما هذا تحية منه لهم والتحية هنا مضافة إلى المفعول، فهي التحية التي يُحَيَّون بها لا التحية التي يحيونه هم بها ولولا قوله تعالى في (ق/١٤٥ ب) سورة يس: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)} [يس: ٥٨] لاحتمل أن تكون التحية لهم من الملائكة، كما قال الله: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: ٢٣، ٢٤]، ولكن هذا سلام الملائكة إذا دخلوا عليهم وهم في منازلهم من الجنة يدخلون مُسَلِّمين عليهم وأما التحية المذكورة في قوله: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} [الأحزاب: ٤٤] فتلك تحية لهم [وقت] (٣) اللقاء، كما


(١) وأخرجه البزار "الكشف: ٣/ ٦٧"، والآجري في الشريعة": رقم (٦١٥)، وغيرهم كما في "الدر المنثور": (٥/ ٥٠١).
وفي سنده الفضل بن عيسى الرقاشي، منكر الحديث، وبه ضعفه الهيثمي في "المجمع": (٧/ ٩٨)، والبصيري في مصباح الزجاجة": (١/ ٤٦).
(٢) رقم (١٠٤) والحاكم: (٣/ ٨٤)، وابن عدي: (٧/ ٦٥) عن أُبي بن كعب، وضعفه البوصيري في "الزوائد": (١/ ٤٦)، وابن القيم في "حاشية علي أبي داود": (٧/ ٣٠).
(٣) في الأصول: "وقيل" والمثبت من "المنبرية".