للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنبيه: ليس المراد من كون "حتى" لانتهاء الغاية، وأن ما بعدها طرفٌ (١) أن يكون متأخرًا في الفعل عما قبلها، فإذا قلت: "مات الناسُ حتى الأنبياء، وقَدِمَ الحاجُّ حتى المشاة"، لم يلزم تأخُّر موت الأنبياء عن الناس، وتأخُّر قدوم المشاة عن الحاجِّ.

ولهذا قال بعض الناس: إن "حتى" مثل الواو لا تخالفها إلا في شيئين، أحدهما: أن يكون المعطوف من قبيل المعطوف عليه، فلا تقول: قَدِم الناس حتى الخيل، بخلاف الواو. الثاني: أن تخالفه بقوة أو ضعف أو كثرة أو قلة، وأما أن يُفهم منها الغاية والحدُّ فلا، والذي حمله على ذلك ما تقدم من المثالين، ولكن فاته أن يعلم المراد بكون ما بعدها غاية وطرفًا، فاعلم أن المراد به أن يكون غايةً في المعطوف. عليه لا في الفعل، فإنه يجب أن يخالفه في الأشد والأضعف والقِلَّة والكثرة، وإذا فهمت هذا فالأنبياء غاية للناس في الشرف والفضل، والمشاة غاية للحُجَّاج (٢) في الضعف والعجز، وأنت إذا قلت: أكلتُ السمكةَ حتى رأسها، فالرأسُ غايةٌ لانتهاء السمكة، وليس المرادُ أنَّ غايةَ أكلك كان الرأس، بل يجوز أد يتقدم أكلك للرأس وهذا مما أغفله كثير من النحويين ولم يُنبًّهوا عليه.

فائدة (٣)

"أو" وُضعت للدلالة على أحد الشيئين المذكورين معها، ولذلك وقعت في الخبر المشكوك فيه، من حيثُ كان الشكُّ ترددًا بين أمرين


(١) في "الأصول": "ظرفا"!.
(٢) (ق): "للناس".
(٣) "نتائج الفكر": (ص/ ٢٥٣).