للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما السؤال الخامس: وهو تَعْدية هذا المعنى بـ "على".

فجوابه بذكر مقدمة، وهي: ما معنى قوله: "سلمت"؟ فإذا عُرِف معناها عُرِف أن حرف "على" أليق به، فاعلم أن لفظ "سلمت عليه" و"صليت عليه" و"لعنت فلانًا" موضوعها ألفاظ هي جُمَل طلبية، وليس موضوعها معاني مفردة فقولك: "سلمت" موضوعه: قلت: "السلام عليك" وموضوع "صليت عليه" قلت: "اللهم صل عليه" أو "دعوت له"، وموضوع "لعنته، قلت: "اللهم العنه".

ونظير هذا "سبحت الله" قلت: "سبحان الله"، ونظيره -وإن كان مشتقًا من لفظ الجملة- "هلَّل" إذا قال "لا إله إلا الله"، و"حَمْدَل" إذا قال: "الحمد لله"، و "حوقل" إذا قال "لا حول ولا قوة إلا بالله"، و"حيعل" إذا قال: "حيَّ على الصلاة"، و"بَسْمل" إذا قال: "بسم الله" قال (١):

وَقَدْ بَسْمَلَتْ لَيلَى غَداةَ لَقِيْتُها ... أَلا حَبَّذَا ذَاكَ الحبيبُ المبَسْمِلُ

وإذا ثبت هذا؛ فقولك: "سلَّمت عليه أي: ألقيت عليه هذا اللفظ وأوقعته عليه إيذانًا باشتمال معناه عليه. كاشتمال لباسه عليه، وكان حرف "على" أليق الحروف (٢) به، فتأمله.

وأما قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ (ق/١٤٧ ب) الْيَمِينِ (٩١)} [الواقعة: ٩٠، ٩١]، فليس هذا بسلام تحية، ولو


(١) البيت لعمر بن أبى ربيعة، "ديوانه": (ص / ٣٢٠)، وذكر أنه منسوب إليه.
(٢) ليست في (ق).