للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان تحية لقال: "فسلام عليه" كما قال: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩)} [الصافات: ١٠٩] {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ} [الصافات: ٧٩]، ولكن الآية تضمنت ذكر مراتب الناس وأقسامهم عند القيامة الصغرى حال القدوم على الله، فذكر أنهم ثلاثة أقسام؛ مقرَّب له الرَّوْح والريحان وجنة النعيم، ومقتصد من أصحاب اليمين له السلامة فوعده بالسلامة، ووعد المقرَّب بالغنيمة والفوز، وإن كان كل واحد منهما سالمًا غانمًا. وظالمٌ بتكذيبه وضلاله فأَوْعَدَه بنُزُلٍ من حميم وتَصلِية جحيم، فلما لم يكن المقام مقام تحية، وإنما هو مقام إخبار عن حاله، ذكرَ ما يحصل له من السلامة.

فإن قيل: فهذا فرق صحيح؛ لكن ما معنى (ظ/١١٢ أ) اللام في قوله: "لك"، ومن هو المخاطَب بهذا الخطاب؛ وما معنى حرف "من" في قوله: مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ؟ فهذه ثلاثة أسئلة في الآية.

قيل: قد وفَّينا -بحمد الله- بذكر الفرق بين هذا السلام في الآية وبين سلام التحية وهو الذي كان المقصود، وهذه الأسئلة وإن كانت متعلقة بالآية فهي خارجة عن مقصودِنا، ولكن نجيب عنها إكمالًا للفائدة بحول الله وقوته وإن كنا لم نرَ أحدًا من المفسِّرين شَفَى في هذا الموضع [الغليل] (١) ولا كشفَ حقيقة المعنى واللفظ، بل منهم من يقول: المعنى فمسلم (٢) لك إنك من أصحاب اليمين، ومنهم من يقول غير ذلك، مما هو حَوْم على معناها من غير ورود.

فاعلم أن المدعوّ به من الخير والشر مُضَاف إلى صاحبه بلام


(١) من "المنيرية".
(٢) كذا في (ظ ود والمنيرية) و (ق): "فسلام".