للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا يقال: الممكن يقبل الوجود والعدم، وهما متناقضان، والقبولان يجب اجتماعهما له لذاته؛ لأنَّه لو وُجد أحد القبولين دون الآخر لم يكن ممكنًا، فإنه لو لم يقبل الوجود كان مستحيلًا، ولو لم يقبل العدم كان واجبًا، فلا يتصور الإمكان إلا باجتماع القبولين، وإن تنافى المقبولان، وكذلك نقول: الجسم يقبل الأضداد، فقبولاتها مجتمعة، والمقبولات متنافية.

فائدة

اختلف في الإنشاءات التي صِيَغها أخبار: كـ "بِعْتُ وأَعْتَقت"، فقالت الحنفية: هي أخبار، وقالت الحنابلة والشافعية: هي إنشاءات لا أخبار لوجوه:

أحدها: لو كانت خبرًا لكانت كذبًا؛ لأنَّه لم يتقدم منه مخبره من البيع والعتق، وليست خبرًا عن مستقبل، وفي هذا الدليل شيء؛ لأنَّ


= يقبل الوجود والعدم باعتبار أنَّه يجوز أن يطرأ عليه العدم إذا كان موجودًا، كما يجوز أن يطرأ عليه الوجود إذا كان معدومًا، وليس هذا في الخبر؛ لأنَّه إذا اتصف بالصدق لا يقبل بعده الكذب، وإذا اتصف بالكذب لا يقبل بعده الصدق، فظهر أن بين قبوله للصدق، والكذب تنافٍ، إلا أنَّه لا يجوز أن يجتمعا فيه أصلًا بخلاف الوجود والعدم، فإنهما يجتمعان في شيءٍ واحد باعتبار الزمان.
فظهر أن قبول الخبر للصدق والكذب إنما هو بطريق البدلية، وما هو كذلك يتعيّن فيه "أو"، والله سبحانه وتعالى أعلم".
ثم كتب بعده بخط مغاير تعليقًا عليه: "والحق أن العبارتين صحيحتان علي سواء؛ لأنَّ الخبر لا يجتمع فيه الصدق والكذب في معناه ويجتمعان في لفظه في قبوله لأنَّ تستعمل صداقًا ولأن تستعمل كذبًا، وقد استعملوا مثل هاتين العبارتين في الكلمة، فتارة يقولون: "اسم أو فعل أو حرف" وتارة يقولون: "اسم وفعل وحرف" والوجه في صحة ذلك ما ذُكر.