للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للكفر، والتَّوْبة المبطلة لآثار الذنوب، وقريب منه: المنُّ والأذى المُبْطِل للصدقة، وفي الرِّياء اللاحق بعد العمل خلاف، فهذه الأسباب جعلها الشارعُ مبطِلات لآثار الأعمال، وأما الرفض (١) فلا دليل في الشرع يدلُّ على أنه مبطِل، ولا يمكن طرده، وليس له أصل يُقاس عليه، بل قد يقترن بالعمل أمورٌ تمنعُ صحَّتَه وتَرَتُّبَ أَثرِهُ عليه، كالرياء والسُّمعة وغيرهما، وليس هذا إبطالًا لما صَحَّ، وإنما هو مانعٌ من الصِّحَّة.

فائدة (٢)

الأسبابُ الفعلية أقوى من الأسباب القولية، ولهذا تصِحُّ الفعليّة من المحجور عليه دون القولية، فلو استَولَدَ ثبَتَ استيلادُه، ولو أَعْتق كان لَغْوًا، ولو تَمَلَّكَ مالًا بالشِّراء كان لغوا (٣)، ولو تملَّكه باصطياد أو احتطاب ونحوِهِ مَلَكَهُ، وكذلك لو أحياه مَلَكه بالإحياء.

ثم قيل: الفرق بينهما احتياجُه إلى الفعل دود القول، فإنا لو منعناه من وطء أَمَتِه أضرَرْنا بها (٤)، ولا حاجةَ به إلى عِتْقها (٥).

وهذا عْير طائل، فإنه قد يحتاجُ إلى القول -أيضًا- كالشِّراء والنكاح والإقرار؛ ولكن الفرق: أن أقوالَه يمكن إلغاؤُها، فإنها مجرَّدْ كلام لا يترتَبُ عليه شيء، وأما الأفعال فإذا وقعتْ لا يمكن إلغاؤها، فلا يمكن أن يقال: إنه لم يسرق ولم يقتلْ ولم يستولدْ ولم يُتلِفْ،


(١) (ع): "الفرض".
(٢) "الفروق": (١/ ٢٠٣: ٢٠٥).
(٣) "ولو تملك مالًا بالشراء كان لغوًا" سقطت من (ع).
(٤) سياق الكلام في "الفروق" يدل على وقوع الضرر بالمحجور عليه، وليس بالأمة.
(٥) يعني: من جهة الطبع. وما سيأتي من الرد هو من كلام المصنف.