للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجاب البصريون عن هذا: بأنَّ الأصلَ أن الضمائرَ لا يقعُ بعضُها موقعَ بعض ألا للضَّرورة في الشِّعر، وبأنه يستلزمُ مخالفةَ الأصل من وجهينِ:

أحدهما: إيقاعُ المتَّصل موقع (١) المنفصلِ.

والثاني: إيقاعُ المجرور موقعَ المرفوع، وهذا تغييرٌ مرتين، فالتغييرُ في (لولا) (٢) بكونها حرف جرٍّ في هذا الموضع أسهلُ، قالوا: وأما عملُها في المضْمَر خاصَّةً فليس بمستنْكَرٍ عملُ العامل في بعض الأسماء دون بعض، فهذه "لَدُنْ" لا تعمل إلا في "غُدْوَةٍ" وحدها، فإذا كان العاملُ يعملُ في بعض الظاهرات دونَ بعض، وهي جنسٌ واحد، فَلأَنْ يعملَ في المضمَر دونَ الظاهر وهما جنسانِ أولى، وقد ردَّ بعضُ النحاة هذا الاستعمالَ جملةً وقال: هو لحنٌ، واختلف على المُبَرِّد، فقيل: إن هذا مذهبُهُ، وقيل: إن مذهبَهُ قولُ الكوفيين. والله أعلم.

فصل (٣)

اختلف في المستثنى، من أيِّ شيءٍ هو مخرَجٌ؟.

فذهب الكسائىُّ إلى أنه مخرَجٌ من المستثنى منه، وهو المحكومُ عليه فقط. فإذا قلت: "جَاءَ القَوْمُ إلاّ زَيْدًا" فزيد مخرَجٌ من القوم، فكأنك أخبرتَ عن القومِ الذين ليس فيهم (٤) بالمجيء، وأما هو فلم تخبرْ عنه بشيء، بل سَلَبْتَ الإخبارَ عنه، لا أنك أخبرتَ عنه بسلب


(١) (ع): "موضع ".
(٢) "في لولا" ليست في (ع).
(٣) من (ع) وحدها.
(٤) (ظ) زيادة: "زيد".