للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجيء؛ والفرقُ بين الأمرين واضحٌ، وعلى قوله فالإسناد (١) وقعَ بعدَ الإخراج.

وذهب الفَرَّاء إلى أنه مخرَجٌ من الحُكم نفسِهِ.

وذهب الأكثرون إلى أنه مخرَج منهما معًا، فله اعتباران؛ أحدُهما: كونُه مستثنى، وبهذا الاعتبار هو مخرَجٌ من الاسم المستثنى منه، والثاني: كونه محكومًا عليه بضِدِّ حكم المستثنى منه، وبهذا الاعتبار هو مخرَج من (٢) حكمه.

والتحقيقُ في ذلك أنه مخرَجٌ من الاسم المقيَّد بالحكم، فهو خرَج من اسم مقيَّد لا مطلَق.

ونذكرُ ما احْتَجَّ به لهذه المذاهب، {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى} [البقرة: ٣٤] ووجهُ الاستدلال: أن الاستثناءَ لو كان مخرَجًا من الحكم لكان قوله: "أبَى" تكرارًا؛ لأنه قد علم بالاستثناء، وأجيبَ عن هذا بأنه تأكيدٌ، واعْتُرِض على هذا الجواب بأن المعانيَ المستفادةَ من الحروف لا تُؤَكَّدُ، فلا يقال: "مَا قَامَ زَيْدٌ نفيًا" و"هلْ قَامَ عَمروٌ استفهامًا" و"لكن قَامَ زَيْدٌ استدراكًا" ونحوه؛ لأن الحرف وُضِعَ على الاختصار، ولهذا عُدِلَ عن الفعل إليه، فتأكيدُه بالفعل ينافي المقصودَ بوضعه.

والتحقيقُ في الجواب: أن "أَبَى" أفاد معنىً زائدًا وهو: أن عدم


(١) (ق): "فالاستثناء".
(٢) من قوله: "الاسم المستثنى ... " إلى هنا ساقط من (ق).