للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مؤمنًا فاللهُ يدفعُ عنه ولا بُدَّ، وبحسب إيمانه يكون دفاعُ الله عنه، فإن كَمُلَ إيمانُهُ كان دفعُ الله عنه أتَمَّ دَفْعٍ، وإنْ مَزَجَ مُزِج له، وإن كان مرَّة ومرَّة فالله له مرَّة ومرَّة، كما قال بعضُ السلف: من أقبل على الله بكُلِّيَّته أقبل اللهُ عليه جملةً، ومن أعرض عن الله بكلِّيته أعرض الله عنه جملةً، ومن كان مرةَ ومرةً فاللهُ له مرةً ومرةً.

فالتوحيد حِصنُ إليه الأعظم الذي من دخله كان من الآمنينَ، قال بعض السلف (١): من خاف الله خاف كلُّ شيء، ومن لم يَخَفِ اللهَ أخافه من كلِّ شيء.

فهذه عشرةُ أسباب يندفعُ بها شرُّ الحاسد والعائن والساحر، وليس له أنفعُ من التَّوَجُّه إلى الله وإقبالِهِ عليه وتَوَكُّلِهِ عليه وثقته به وأن لا يخاف معه غيرَه، بل يكون خوْفه منه وحدَه ولا يرجو سواه، بل يرجوه وحدَه (٢) فلا يعلقُ قلبَه بغيره، ولا يستغيثُ بسواه، ولا يرجو إلا إيَّاه ومتى علَّق قلبَه بغيره ورجاه وخافه وُكِلَ إليه وخُذِلَ من جهته، فمن: خاف شيئًا غير الله سُلِّط عليه، ومن رجا شيئًا سوى الله خُذِل من جهتِه (٣) وحُرِمَ خَيْرَهُ، هذه سُنَّةُ الله فِي خلقة: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٦٢)} [الأحزاب: ٦٢].

فصل

فقد عرفتَ بعص ما اشتملت عليه هذه السُّورةُ من القواعد النَّافعة المهمَّة، التي لا غِنى للعبد عنها في دينه ودنياه، ودلَّت على أن


(١) هو يوسف بن أسباط، انظر "الحلية": (٨/ ٢٤٠).
(٢) من قوله: "وثقته به .. " إلى هنا ساقط من (ق).
(٣) من قوله: "فمن خاف ... " إلى هنا ساقط من (ع).