للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة (١)

لحذف العامل في "بسم الله" فوائد عديدة.

منها: أنَّه موطن لا ينبغي أن يتقدم فيه سوى ذكر الله (٢)، فلو ذكرت الفعل، وهو لا يستغني عن فاعله؛ كان ذلك مناقضًا للمقصود، وكان في حذفه مشاكلة اللفظ للمعني، ليكون المبدوع به اسم الله، كما تقول في الصلاة: "الله أكبر"، ومعناه: من كل شيءٍ، ولكن لا تقول هذا المقَدَّر، ليكون اللفظ في اللسان (٣) مطابقًا لمقصود الجنان، وهو: أن لا يكون في القلب ذِكْر إلا الله وحده، فكما تجرَّد ذكره في قلب المصلِّي، تجرَّدَ ذكره في لسانه.

ومنها: أن الفعل إذا حُذف صح الابتداء بالتسمية (٤) في كل عمل وقول وحركة، وليس فِعْل أولى بها من فِعْل؛ فكان الحذف أعم من الذِّكر، فإنّ أي فعل ذكرته؛ كان المحذوف أعم منه.

ومنها: أنَّ الحذف أبلغ؛ لأنَّ المتكلم بهذه الكلمة كأنه يدّعي الاستغناء بالمشاهدة عن النطق بالفعل، فكأنه لا حاجة إلى النطق به، لأنّ المشاهدة والحال دالة على أن هذا الفعل وكُلُّ فعل فإنّما هو باسمه -تبارك وتعالى-، والحَوَالة على شاهد الحال أبلغ من الحَوَالة على شاهد النطق، كما قيل:

ومن عَجِبٍ قول العَوَاذِل مَنْ بِهِ ... وهَلْ غيرْ مَنْ أهْوي يُحبُّ ويُعْشَقُ


(١) انظر: "نتائج الفكر": (ص/ ٥٥).
(٢) (ق): "اسم الله".
(٣) "في اللسان" من (ق) وحدها.
(٤) سقطت من (ق).