للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك: أنَّهم أذن لهم في الجهاد أولاً من غير أن يُوْجَب عليهم، فلما توطَّنَت عليه أنفسُهم، وباشروا حُسْنَ عاقبته وثمرته أُمروا به فَرْضًا.

وحكمةُ هذا: التدريجُ والتربيةُ على قبول الأحكام والإذعان لها والانقياد لها شيئًا فشيئًا.

وكذلك يقعُ مل هذا في قضائه وقدره، يقدِّر على عبده بلاءً لابُدَّ له منه، اقتضاه حمدُه وحكمتُه فيبتليه بالأخف أوَّلاً، ثم يُرَقِّيه إلى ما هو فَوْقَهُ حتى يستكملَ ما كُتِب عليه منه.

ولهذا قد يسعى العبدُ في أول البلاء في دفعه وزواله، ولا يزداد إلا شدَّةً؛ لأنه كالمرض في أوله وتزايدِه، فالعاقلُ يستكينُ له أولاً، وينكسرُ وِيذِلُّ لربه، ويمد عُنُقَهُ خاضعًا ذليلاً لعزَّته، حتى إذا مرَّ به معظمُهُ وغَمْرَتُه (١)، وآذن ليله بالصَّباح، فإذا سعى في زواله ساعدته الأسبابُ، ومن تأمَّلَ هذا في الخلق انتفع به انتفاعًا عظيمًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.

فائدة

رجل قالت له زوجتُه: أريدُ منك أن تُطَلِّقَنِي، فقال: إن كنتِ تريدينَ أن أُطَلِّقَكِ فأنتِ طالقٌ، فهل يقعُ الطلاقُ بهذا أو لابدَّ من إخبارها عن إرادةٍ مستقبلة؟.

قال بعض الفقهاء: لابدَّ من إرادة مستقبلةٍ عملاً بمقتضى الشرط، وأن تأثيرَهُ إنما هو في المستقبل.


(١) من قوله: "لربه ويمد ... " إلى هنا ساقط من (ع).