للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المكان، إلا أن الإخبار عن المكان المحدود أكثر وأقوى؛ لأن الأمكنة أشخاص كزيد وعَمرو، وظروف الزمان بخلاف ذلك، فمن ثَمَّ قالوا: "سرت اليوم" و"سرت في اليوم"، ولم يقولوا: "جلستُ الدارَ" (١)

فصل (٢)

فإن كان الظرف مشتقا من فعل، (ظ/ ١٠٠ أ) تعدَّى إليه الفعل (٣) بنفسه؛ لأنه في معنى الصفة لا تتمكن ولا يُخْبر عنها، وذلك: كـ "قبل" و"بعدُ" و"قريبا منك"؛ لأن في "قَبْل" معنى المقابلة، وهي من لفظ "قَبَل"، و"بَعْدُ" من لفظ "بَعُدَ"، وهذا المعنى هو من صفة المصدر؛ لأنك إذا قلت: "جلست قبل جلوس زيد"، فما (٤) في "قبل" من معنى المقابلة فهو في (٥) صفة جلوسك، ولم يمتنع الإخبار عن "قبل" و"بعد" من حيث كان غير محدود، لأن الزمان والدهر قد يُخْبر عنهما وهما غير محدودين. تقول: "قمت في الدهر مرةً"، وإنما امتنع: "قمتُ في قبلك"، للعلة التي ذكرناها.

ومن هذا النحو ما تقدم في فصل "غدْوة" و"عَشيَّة" من امتناع تلك الأسماء من التمكن، لما فيها من معنى الوصف (٦)، نحو: "خرجت بَصَرًا وظلامًا" و"عشية وضحى"، وإن كنا قد قدَّمنا أن هذه


(١) "جلست الدار" ليست في (ظ ود). وبعدها في "النتائج": "بغير حرف الوعاء".
(٢) "نتائج الفكر": (ص/ ٣٨٩).
(٣) (ق): "المفعول ".
(٤) (ق): "فما كان".
(٥) كذا في الأصول، وأصلحها محقق "النتائج" إلى: "من".
(٦) بعدها في "النتائج": "وما فيها من معنى الوصف راجع إلى الاسم الذي هو: الفاعل". وانظر ما تقدم (٢/ ٥٤٩).