للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعاني أوصاف للأوقات، فليس بمناقض لما قلناه آنفا؛ لأن الأوقات قد توصف بهذه المعاني مجارا، وأما في الحقيقة فالأوقات هي الفَلَك، والحركة لا توصف بصفة معنوية؛ لأن العَرَض لا يكون حاملا لوصف.

ومن هذا الفصل (١): "خرجت ذات يوم" و"ذات مرة"؛ لأن "ذات" (ق/١٣٢ أ) في أصل وضعها وصف للخرجة ونحوها، كأنك قلت: "خرجت خرجةً ذات يوم"، أي: لم يكن إلا في يوم واحد، فمن ثَمَ لم يجز فيها إلا النصب، ولم يَجُز دخول الجار عليها، وكذلك: "ذا صباح" و"ذا مساء" في غير لغة خَثْعَم.

فإن قيل: فلِمَ أعربها النحويون ظرفا إذا كانت في الأصل مصدرًا؟.

قيل: لأنك إذا قلت: "ذات يوم"، عُلِم أنك تريد يومًا واحدًا، وقد اخْتُزِل المصدر ولم يبق إلا لفظ اليوم مع الذات، فمن ثَمَّ أعربوه ظرفا، وسر المسألة (٢) في اللغة ما تقدم.

وأما "مرة" فإن أردت بها فَعْلَة واحدة من مرور الزمان؛ فهي ظرف زمان، وإن أردت بها فَعْلة واحدة من (٣) المصدر، مثل قولك: "لقيته مرة"، أي: لَقْيَة، فهي مصدر، وعبَّرتَ عنها بالمرة، لأنك لما قطعت اللقاء ولم تصله بالدوام صار بمنزلة شيء مررتَ به ولم تُقِم عنده، فإذا جعلتَ المرة ظرفًا، فاللفظ حقيقة؛ لأنها من مرور الزمان، وإذا جعلتها مصدرًا فاللفظ مجاز إلا أن تقول: مررت مرة، فيكون حينئذ حقيقة.


(١) (ق): "الوصف ".
(٢) (ظ ود والنتائج): "وسرُّه في اللغة".
(٣) "نتائج الفكر": (ص/ ٣٩١).