للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن خط القاضي أيضًا

حكى على قدامة بن مظعون (١) وعَمْرو بن مَعْدي كَرِبَ (٢) أنهما كانا يقولان: الخمرُ مُبَاحَةٌ (٣)، ويحتجَّان بقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قالا: قد آمنَّا وعملنا الصالحات فلا جناح علينا فيما طَعِمنا (٤).

فلم تكفِّرْهما الصحابة بهذا القول، وبَيَّنوا لهما الحكمَ في ذلك؛ لأنه لم يكنْ قد ظهرتْ أحكامُ الشريعة في ذلك الوقت ظهورًا عامًّا، ولو قال بعض المسلمين في وقتنا هذا لكفَّرناه؛ لأنه قد ظهر تحريمُ ذلك (٥).

(ق/ ٢٤٧ ب) وسببُ نزول هذه الآية ما قاله الحسنُ: لما: نَزَلَ تحريمُ الخمرِ، قالوا: كيف بإخوانِنا الذين ماتوا وهي في بطونِهم وقد


(١) (ع وق): "عثمان بن مظعون"، ثم عُدِّلت في (ق) من بعض المطالعين علي ما يظهر، والمثبت من (ظ) وهو الصحيح، وفي هامش (ق) ما نصه تعليقًا "المحكيّ عنه هذا القول قدامة بن مظعون لا عثمان كما هو مشهور، فإن عثمان توفي قبل تحريم الخمر، فلعلّه خطأ من الكاتب، على أن قدامة رجع عن هذا القول كما هو مشهور عند جميع الأمة، والله سبحانه وتعالى أعلم" اهـ كاتبه الفقير محمد بن عبد الله بن حميد.
(٢) لم أر تسميته فيمن: تأوّل هذه الآية إلا في "المغني" لابن قدامة: (١٢/ ٤٩٣)، فلعله ممن تأول ذلك في جماعة من أهل الشام في إمرة يزيد بن أبي سفيان، انظر "مصنف عبد الرزاق": (٩/ ٢٤٤).
(٣) تكررت في (ظ) وتحتمل قراءتها: "متاحة مباحة".
(٤) أخرجه الحاكم: (٤/ ١٤١)، والبيهقي: (٨/ ٣٢٠)، والطحاوي في "شرح المعاني": (٣/ ١٥٤) وغيرهم من رواية عكرمة عن ابن عباس.
(٥) وانظر "مجموع الفتاوى": (٧/ ٦١٠).