للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محرَّم، ويتعقبه التحريم، وقد قلتم: إن طلاق السكران يصح عقوبةً له، مع أنَّه لو لم يأت بإنشاء السبب لم تَطْلُق امرأته اتفاقًا، فكون التحريم عقوبةً، لا ينفي أن يستند إلى أسبابها التي تكون إنشاءات لها.

قوله: "السببية أعمُّ من الإنشاء .... " إلى آخره؛ جوابه: أنّ السبب نوعان: فعل وقول، فمتى كان قولًا لم يكن إلّا إنشاء، فإن أردتم بالعموم: أنّ سببية القول أعم من كونها إنشاء وإخبارًا؛ فممنوع، وإن أردتم أن مطلق السببية أعم من كونها سببية بالفعل والقول: فمُسَلَّم، ولا يفيدكم شيئًا.

وفَصْل الخطاب: أن قوله: "أنتِ عليَّ كظهر أمي"، يتضمن إنشاءً وإخبارًا، فهو إنشاءٌ من حيث قصد التحريم بهذا اللفظ، وإخبار من حيث تشبيهها (١) بظهر أمه، ولهذا جعله الله منكرًا وزورًا، فهو منكر باعتبار الإنشاء، زوّر باعتبار الإخبار.

وأما قوله: "إن المنكر هو الخبر الكاذب"؛ فالخبر الكاذب من المنكر، والمنكر أعم منه، فالإنكار في الإنشاء والإخبار، فإنه ضد المعروف، فما لم يُؤذَن فيه من الإنشاء؛ فهو منكر، وما لم يكن صداقًا من الإخبار؛ فهو زور.

فائدة

المجاز والتأويل لا يدخل في المنصوص، وإنما يدخل في (٢) الظاهر المحتمل له، وهنا نُكْتة ينبغي التفطن لها، وهي: أن كون اللفظ نصًّا يُعْرف بشيئين:


(١) (ظ ود): "شبهها".
(٢) ليست في (ق).