للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا يدل على أن الظهار كان إنشاء للتحريم الحاصل بالطلاق في أول الإسلام؛ ثم نسخ ذلك بالكفارة.

وبهذا يبطل ما نظر به من تحريم الناقة عند وِلادِها عشرةَ أبطن، ونحوه، فإنه ليس هناك لفظ إنشاء يقتضي التحريم، بل هو شارع منهم لهذا التحريم، عند هذا السبب.

وأما قوله: "إنا لا نسلِّم أنَّه يوجب تحريمًا"؛ فكلام باطل، فإنه لا نزاع بين الفقهاء: أَنَّ الظِّهار يقتضي تحريمًا تزيله الكفارة، فلو وطئها قبل التكفير (١)؛ أَثِمَ بالإجماع المعلوم (٢) من الدين، والتحريم المؤقت هنا كالتحريم بالإحرام وبالصيام وبالحيض.

وأمَّا تنظيره بالصلاة مع الطهر؛ ففاسد، فإن الله أوجب عليه صلاة بطهر، فإذا لم يأت بالطهر فقد (٣) ترك ما أوجب الله عليه، فاستحقَّ الإثم، وأما المظاهر فإنه حرم على نفسه امرأته، وشبَّهها بمن تحرُم عليه، فمنعه الله من قربانها، حتَّى يُكفِّر، فهنا تحريم مُستند إلى ظِهَارِه، وفي الصلاة لا تُجزئ منه بغير طُهر؛ لأنَّها غير مشروعة أصلًا.

قوله: "التحريم عَقِب الشيء قد يكون لاقتضاء اللفظ له، وقد يكون عقوبة ... "، إلى آخره، جوابه أنهما غير متنافيين في الظِّهار، فإنه حرام وتحرم به تحريمًا مؤقتًا حتَّى يكفِّر، وهذا لا يمنع كون اللفظ إنشاء كجمع الثلاث عند من يوقعها، والطلاق في الحيض فإنه


= وأحمد في "المسند": (٦/ ٤١٠).
وما في "المسند" أصح ما ورد في قصة المجادلة، قاله الحافظ في "الفتح".
(١) (ق): "الكفارة".
(٢) (ظ ود): "المعروف".
(٣) من (ق).