للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقصدون الإخبار الكذب، ليترتب عليه التحريم، بل كانوا إذا أرادوا الطلاق أتوا بلفظ الظهار إرادةً للطلاق؛ ولم يكونوا عند أنفسهم كاذبين في ذلك (١)، ولا مخبرين، وإنّما كانوا منشئين للطلاق به.

ولهذا كان هذا (٢) ثابتًا في أول الإسلام حتَّى نسخه الله بالكفارة في قصة خولة (٣) بنت ثعلبة، كانت تحت عُبادة بن الصامت (٤)، فقال لها: "أنت عليَّ كظهر أُمي"، فأتت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألته عن ذلك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حَرُمُت عَلَيْهِ"، فقالت: يا رسول الله، والذي أنزل عليك الكتاب، ما ذكر الطلاقَ، وإنه أبو ولدي، وأحب الناس إليَّ فقال: "حَرُمْتِ عَلَيْهِ"، فقالت: أشكو إلى الله فاقتى وَوَحْدتي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أُرَاكِ إلِّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ، وَلَمْ أُؤْمَرُ فِي شَأْنِكِ بِشَيءٍ"، فجَعَلَتْ تراجعُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وإذا قال لها: حَرُمْتِ عَلَيْهِ" هتفت وقالت: أشكو إلى الله فاقتي وشدة حالي، وأن لي صِبْيَة صغارًا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليَّ جاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول: اللهم إنِّي أشكو إليك، وكان هذا أول ظهار في الإسلام، فنزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قُضي الوحي قال: "ادْعِي زَوْجَكِ" فتلا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {قَدْ سَمِعَ اللهُ} [المجادلة: ١] الآيات (٥).


(١) من (ق).
(٢) ليست في (ق).
(٣) على خلافٍ في اسمها واسم أبيها، انظر "الإصابة": (٤/ ٢٨٩).
(٤) كذا في الأصول، وجاء كذلك في بعض الروايات، وهو وهم، والصواب: أنها كانت تحت أوس بن الصامت أخي عبادة، انظر: "الإصابة": (٤/ ٢٩١)، و"الاستيعاب" بهامشها.
(٥) أخرجه أبو داود رقم (٢٢١٤)، وعلقه البخاري في الصحيح "الفتح": (١٣/ ٣٨٤)، =