للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذبًا، وجرت عادتهم أن من أخبر بهذا الكذب زالت عصمة نكاحه، وهذا كما التزموا تحريم الناقة إذا جاءت بعشرة من الولد ونحو ذلك.

قال: وأما قولكم: إنه يوجب التحريم المؤقت وهذا حقيقة الإنشاء لا الإخبار، فلا نسلِّم أنَّ ثَمَّ تحريمًا ألبتة، والذي دل عليه القرآن: وجوب تقديم الكفارة على الوطء، كتقديم الطهارة على الصلاة، فإذا قال الشارع: لا تصلِّ حتَّى تتطهر، لا يدل ذلك على تحريم الصلاة عليه، بل ذلك نوع ترتيب. سلَّمنا أن الظهار ترتَّب عليه تحريم، لكن التحريم عقب الشيء قد يكون لاقتضاء اللفظ له، ودلالته عليه، وهذا هو الإنشاء. وقد يكون عقوبة مَحْضة، كترتيب حرمان الإرث على القتل، وليس القتل إنشاء للتحريم، وكترتيب التعزير على الكذب وإسقاط العدالة به، فهذا ترتيب بالوضع الشرعي لا بدلالة اللفظ.

وحقيقة الإنشاء: أن يكون ذلك اللفظ وُضِع لذلك الحكم، ويدل عليه، كصِيَغ العقود، فسببية القول أعم من كونه سببًا بالإنشاء أو بغيره. فكل إنشاء سبب، وليس كل سبب إنشاء. فالسببيَّة أعم، فلا يُستدل بمطلقها على الإنشاء، فإن الأعمّ لا يستلزم الأخص، فظهر الفرق بين تَرَتُّب التحريم على الطلاق، وترتُّبه على الظهار.

قال: وأما قولكم: إنه كالتكلُّم بالطلاق والعِتَاق والبيع ونحوها؛ فقياس في الأسباب. فلا نقبله ولو سلمناه، فخصُّ القرآن يدفعه.

وهذه الاعتراضات عليهم باطلة:

أَمَّا قوله: "إن كونه طلاقًا في الجاهلية، لا يقتضي أنهم كانوا يثبتون به الطلاق" إلى أَخره؛ فكلامٌ باطل قطعًا؛ فإنهم لم يكونوا