للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمغفرة إنّما يكونان عن الذنب.

وإن قلتم: هو إخبار؛ فهو باطل من وجوه:

أحدها: أنّ الظهار كان طلاقًا في الجاهلية، فجعله الله في الإسلام تحريمًا تُزيله الكفارة، وهذا متفق عليه بين أهل العلم، ولو كان خبرًا لم يوجب التحريم، فإنه إن كان صدقًا؛ فظاهر، وإن كان كذبًا؛ فأبعد له من أن (١) يترتب عليه التحريم.

والثاني: أنَّه لفظ يوجب حكمه الشرعي بنفسه، وهو التحريم، وهذا حقيقة الإنشاء، بخلاف الخبر، فإنه لا يوجب حكمه بنفسه؛ فَسَلْب كونه إنشاءً مع ثبوت حقيقة الإنشاء فيه؛ جمعٌ بين النقيضين.

وثالثها: أَنَّ إفادة قوله: "أنت عَلَيَّ كظهر أمي" للتحريم، كإفادة قوله: أنت حرة"، "وأنت طالق"، و"بعتك"، و"وهبتك"، و"تزوجتك" (٢)، ونحوها لأحكامها، فكيف يقولون هذه إنشاءات دون الظهار؟ وما الفرق؟.

قيل: أما الفقهاء فيقولون: الظهار إنشاء، ونازعهم بعض المتأخرين في ذلك، وقال: الصواب أنَّه إخبار، وأجاب عما احتجوا به من كونه إنشاء.

قال: أما قولهم: كان طلاقًا في الجاهلية (٣)؛ فهذا لا يقتضى أنهم كانوا يثبتون به الطلاق، بل يقتضي أنهم كانوا يزيلون به العصمة عند النطق به، فجاز أن يكون زوالها لكونه إنشاء كما زعمتم، أو لكونه


(١) من قوله: "تزيله الكفارة ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٢) (ظ ود): وتزوجت".
(٣) "في الجاهلية" ليس في (د).