للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا واضح بحمد الله.

فائدة بديعة (١)

"كل" لفظ دال على الإحاطة بالشيء، وكأنه من لفظ الإكليل والكَلَالَة والكِلَّة (٢) مما هو في معنى الإحاطة بالشيء، وهو اسم واحد في لفظه جمعٌ في معناه؛ ولو لم يكن معناه معنى الجمع لما جاز أن يؤكد به الجمعُ؛ لأن التوكيد تكرار للمؤكَّد فلا يكون إلا مثله، إن كان جمعًا فجمع، وإن كان واحدا فواحد.

وحقه أن يكون مضافًا إلى اسم منكر شائع في الجنس من حيث اقتضى الإحاطة، فإن أضفته إلى معرفةٍ، كقولك: "كل إخوتك ذاهب"، قَبُح إلا في الابتداء؛ لأنه إذا كان مبتدأ في هذا الموطن كان خبرُه بلفظ الإفراد، تنبيهًا على أن أصله أن يضاف إلى نكرة؛ لأن النكرة شائعة في الجنس، وهو أيضا يطلب جنسًا يحيط به، فإما أن تقول (٣): كلُّ واحدٍ من إخوتك ذاهب، فيدل إفراد الخبر على المعنى الذي هو الأصل، وهو إضافته إلى اسم مفرد نكرة.

فإن لم تجعله مبتدأ وأضفته إلى جملة مُعَرَّفة، كقولك: رأيتُ كل إخوتك، وضربتُ كلَّ القوم، لم يكن في الحُسن بمنزلة ما قبله؛ لأنك لم تُضِفْه إلى جنس، ولا معك في الكلام خبر مفرد يدل على معنى إضافته إلى جنس كما كان في قولهم: كلهم ذاهب، وكل القوم


(١) "نتائج الفكر": (ص/ ٢٧٦).
(٢) "الكلالة" سقطت من (ظ ود).
والإكليل هو: التاج، والكلالة: من لا والد له ولا ولد، والكِلَّة: ستر رقيق يخاط كالبيت.
(٣) كذا بالأصول ومخطوطات "النتائج"، ولعل صواب العبارة: "فكأنما تقول".