للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: الشرط له التصدير وضعًا (١) , فتقديم الجزاء عليه يخلُّ: بتصديره.

قلنا: هذه هي (٢) الشُّبهة التي منعت القائلين بعدم تقديمه، وجوابُها: أنكم إن عَنيتم بالتصدير؛ أنه لا يتقدم معموله عليه، والجزاء معمول له؛ فيمتنع تقديمه، فهو نفس المتنازع فيه، فلا يجوز إثبات الشيء بنفسه، وإن عَنيتم به أمرًا آخر؛ لم يلزم منه امتناع التقديم.

ثم نقول: الشرط والجزاء جملتان، قد صارتا بأداة الشرط جملة واحدة، وصارت الجملتان بالأداة كأنهما مفردان، فأشبها المفردين في باب المبتدإ والخبر، فكلما لا يمتنع تقديم الخبر على المبتدأ فكذلك تقديم الجزاء، وأيضًا فالجزاء هو المقصود والشرط قيدٌ فيه، وتابعٌ، فهو من هذا الوجه رتبته التقديم طبعًا, ولهذا كثيرًا ما يجيء الشرط متأخرًا على المشروط؛ لأنَّ المشروط هو المقصود, وهو الغاية، والشرط سببٌ ووسيلة، فتقديم المشروط هو تقديم الغايات على وسائلها، ورتبتها التقديم ذهنًا، وإن تقدمت الوسيلة وجودًا، فكل منهما له المتقدم بوجه، وتقدم الغاية أقوى، فإذا وقعت في مرتبتها، فأيّ حاجةٍ إلى أن نقدرها متأخِّرة، وإذا انكشف الصوابُ، فالصوابُ أن تدور معه حيثما دار.

المسألة السابعة: "لو" يُؤتَى بها للرَّبط، لتعلق ماضٍ بماض، كقولك: "لو زرتني: لأكرمتك"، ولهذا لم تجزم إدأ دخلت على مضارع؛ لأنَّ الوضع للماضي لفظًا ومعنى، كقولك: "لو يزورني زيد


(١) (ظ ود): "وصفًا".
(٢) من (ق).